قِصَّةً قَصِيرَةً جَلَسَت بِرِفْق تُرِي وتذدرد بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

 

قُتِل الْوَقْتِ عِنْدَ مِنَصَّة الِاسْتِمَاع ، كَانَا يَتَحَدَّثَانِ فِي صَحْنِ الصَّالَّة وَهِي تُصْغِي ، مِثْلَمَا تَصُبّ الْمِحْنَة فِي الْوَرِيد ، عَنْ مَاذَا كَانَ يَتَحَدَّثَان هَؤُلَاء الكهلان ؟ ! وَلَكِن . . ) لَا يَهُمَّ .

مَا كَانَتْ تَهْتَمّ بِه “رجاء” وَضَعَهَا الْمُزْرِي الَّذِي تَوَصَّلَت إلَيْه ، حَتَّي طُوِّقْت احداقها صَوْب انْعِكَاس الْمَرْأَة ، باحدي زَوَايَاهَا صُورَة فُوتُوغْرَافِيَّة قَدِيمَةٌ وجديدة الْعَهْد ، لَمْ يَكْتُبْ لَهَا الْقَدْر الِاسْتِمْرَار ، الْتَقَطَهَا الْأَخُ الْأَكْبَرُ “حازم” ، عِنْدَمَا كَانَت بِالفُنْدُق الضَّخْم “صليل الحظ” اِبتسَمَت ” رجاء” شَعَرْت بِالرِّضَا ، كَانَتْ الصُّورَةُ رَائِعَة .

تَذَكَّرْتُ ذَلِكَ الْيَوْمِ السَّعِيد . .

مَاذَا ستفعلين بَعْد الْفُطُور ؟ !

“رجاء” تَعْتَرِض عَلَيَّ السُّؤَالُ المتحاذق ، وَتَقُول بِصَيْرُورَة نَفْسِهَا :

وَلَد حَشْرِي ، وَتَجْهَر متعنفة :
هَلْ لَك فِي ذَلِكَ شَأْنُ ؟ !

دَامَت الْعَلَاقَة حَدّ الْعِرَاك بَيْن ” رَجَاء ” و” حازم” مُنْذ أَعْوَام الرُّعُونَة حَتَّي الْمُرَاهِقَة ، وتشكلت بِبَعْض الْغَضَبَ فِي بَاطِنِ الْأَصْل السَّعَادَةُ الَّتِي تَشَكَّلَت بالذكري الطَّيِّبَة .

فُنْدُق الْأَمْوَاج والرحلات التثقيفية والبحرية ، وَالسَّهَر وَالصَّخَب وَالتَّجَوُّل الْأَمْن حَتَّي الصَّبَّاح .

الْخُرُوج وَالتَّنَزُّه مَعَ الأَصْدِقَاءِ ، الْمَطَاعِم الْفَاخِرَة والتسوق بِأَرْبَاب مَنَافِذ الْقَاهِرَة وَالْمُدُن الترفيهية ، عَالِمٌ لَيْسَ بِهِ حُدُود ، لَمْ يَقْدِرْ قِيمَتُه الْآخَرِين ، إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ .

انْفَضّ الصَّبْرِ مِنِّي ، وَبَاتَت الَّتِي كَانَتْ تَجْلِب لَك الْحَظّ ، امْرَأَة تعيسة سَيِّئَة الْحَظّ .

انعكف الزَّوْج عَلِيّ عَدَاء الرِّضَا الَّذِي تُلَاقِي بِجُمُوع الشُّعُوب بَعْد الْأَزْمَة ، وَتَذَكَّر ماكانت عَلَيْه اللَّيَالِي الْحَسْنَاء الصاخبة الرَّائِعَة مَعَ الأَصْدِقَاءِ ، الَّتِي تَلأْلأَت بالضحكات وَالرَّاحَة وَالسَّهَر والارتباح بِدُون جَهَد ، وَالْإِنْفَاق ببزغ ، وَتَسَاءَل بشئ مِنْ الْخَوْفِ والزعر ، هَل ذَهَب الْأَمْر وَلَن يَعُود ؟ !

أُخْرِجَت الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بصفعة قَوِيَّةٌ مِن الْأَقَاوِيل :
ذَهَب النَّعِيم يَا زَوْجِي الْعَزِيز ، التِّجَارَة بِالْعَمَل الْمُرْبَح ، ونقودى المدخرة لِوَقْت الحائِجَة وَالْحُلِيّ ، وَبَات الْوَضْع أَشَدُّ قَسْوَةً مِنْ الْأَمْسِ ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ الْمُشَاجَرَة ، فلتتشاجر مَع الْأَقْدَار ، أَوْ مَعَ انجالك اللَّذَيْن أَصَابَهُم الْبُؤْس وَالدَّمَار .

خطفها الحِوَار الزاعق ، خَرَجَت ” رجاء” مِن حلمها الْوَرْدِيّ ، بَات ” حازم” مُلْتَفٌّ بِخِرْقَة بالِيَة بالصقوب ، بَعْدَمَا اشْتَدَّ القِتَالُ والفتك بالشعوب مِنْ فَقُرَ وَسُوء اقْتِصَاد وَخَشْيَةً مِنْ مُوَاجِهَة الْعَمَل مَنْعًا مِنْ مُقَابِلِهِ الْعَدُوّ الدُّود ، مَاتَت الْخَالَة وَالْعَمّ وَالْقَرِيب وَالْبَعِيد ، بَعْدَمَا أَصَاب الْبِلَاد الْوَبَاء ” كورونا ” مَاتَت الْفَرْحَة وسكبت الْأَمْوَال عَلَيّ الطّعَامَ ووجس التَّطَهُّر وَالنَّظَافَة ، وَلَا رَجْعَةَ لَهَا ، لَا دَخْلَ لَا نُقُودٌ مدخرة .

هَل يَطُولَ الْأَمْرُ ؟ ! تساءلت ” رَجَاء ” عِنْدَمَا رَأَت تِلْكَ الصُّورَةِ المنعكسة لِهَيْئَتِهَا الزهيدة بالانعكاس ، وَتَذَكَّرَت :

هَذِه الْمَلَابِس مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ ، كَم أَصْبَحْت هَالِكَة وَبَات السُّوء بِحَالِي ، وَالْقُيُود بمعصم الْحِلْم وبحال الْعُقُول ، مَالَت عُيُونُهَا خَلْف هَيْئَتِهَا بِالْمَرْأَة ، فَالْتَقَت بِهَذَا آل ” حازم” حَتَّي رَأَت چورابة الممزقة وَسِرْوَالَة الْمَشْقُوق ، كَأَنَّهَا اعْتَادَت الْأَمْر ، أَمْسَكَت خَصَلَات مِنْ شَعْرِهَا المخششن بِقُوَّة وَغَضَب ، عكفته فِي جَوْفِ جِرَاب قَدِيمٌ مِنْ فَرَدَّه وَاحِدَة تَاهَت قَرِينَتِهَا ، وَأَغْلَقْت الذِّكْرِيّ ، إلَّا مِنْ كَوَاه صَغِيرَة ، كَانَت تُشْعِر نَحْوِهَا بِالْأَمَل تستعيد ذِكْرَيَات الْعِزّ وَالْجَاه .

الشَّاشَة الْفِضِّيَّةُ الَّتِي تُطْرَح لِلْخَيَال الْخِصْب ، مَعَانِي مَرْغُوب بِهَا .

جَلَسَت بِرِفْق تُرِي وتذدرد رِيقِهَا بِصُعُوبَة وَصُمْت ، لَا يَسْتَمِعُ إِلَيْها الْجَمِيع ، وَإِلَّا كَانَتْ النَّتِيجَة طِيلَة الْيَوْم ، الْعَيْشِ فِي ظَلَامٍ .

وَتَذَكَّرَت أَبِيهَا حِينَ قَالَ شَبَّهَ بَاكِيًا :

لَا نُقُودٌ لِسَدّ دُيُونٌ الفواتير ، الْمَرَّة القَادِمَة لَا غَيْرُ الظَّلَام .

بَات الْجَمِيع كالاصنام فِي بُيُوتِهِمْ ، حَتَّي الجَرِيمَة تجلطت بِالْقُلُوب وَبَات مرتكبيها أَنْبِيَاء يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ .

نَظَرْت ” رَجَاء ” صَوْب التَّلْفاز ، عَيْن تبتسم وترتشف الْأَمَل ، وَعَيَّن تَبْكِي عَلِيّ ضَعْفٌ الْآبَاء عِنْدَمَا يَمُرُّون بِمِحْنَة وَيَنْكَسِر الْأَمَان وَتُفْتَح الْحُدُود لأعداء الْهَزِيمَة .

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

الفتاة االصغيرة سارة قصة بقلم علي بدر سليمان الجزء الاول.

الفتاة الصغيرة سارةبقلمي علي بدر سليمان يعلو صوت القصف وأصوات القذائف على كل شيء ويأخذ الناس بالصراخ والضجيج.ويبدؤون بمغادرة منازلهم وسط حالة من الذعروالخوف.وكل منهم يحاول أن يأخذ أقل مايملكمن…

A unique love story by/ Abdu Morkos Abd El Malak

A unique love story by/ Abdu Morkos Abd El Malak My love story is a unique one. It is more romantic, dramatic, and fantastic than any of those stories; we…

اترك تعليقاً

مختصرات

إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

  • مايو 4, 2025
  • 57 views
إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

  • مايو 3, 2025
  • 40 views
احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

  • مايو 1, 2025
  • 51 views
مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

  • أبريل 27, 2025
  • 18 views
المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية

  • أبريل 26, 2025
  • 25 views
نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية

الطبعة الثامنة والثلاثين من تظاهرة “منتدى الكتاب”، وتزامنًا مع شهر التراث (18 أفريل _ 18 ماي)

  • أبريل 24, 2025
  • 26 views
الطبعة الثامنة والثلاثين من تظاهرة “منتدى الكتاب”، وتزامنًا مع شهر التراث (18 أفريل _ 18 ماي)