قطي الْوَدِيع بقلم: “عبير صفوت”

قطي الْوَدِيع
بقلم الأديبة عبير صفوت
إستكانت كَعَادَتِهَا منذوية متكومة فِى قَاع الغُرْفَة ، تَسْرِق لَحَظَات متواصلة مِنْ النَّوْمِ ، بِجَانِب تَخْت مُرِيحٌ يتمطي جَسَدِهَا الصَّغِير بِسَطْحِه الْأَمْلَس ، حَتَّى أَتَتْ رِيَاح مِن الصُّرَاخ وَالعَوِيل ، انْتَفَض الْقِطّ المسالم مِن مركضة مزعورا ، اِنْتاب كيانة القَلَق مِنْ بَعْدِ الهُدوء .
كُلِّ صَبَاحٍ والشجار حَالِهِم .
عِشْرِين عَامٍ مِنْ الْعَذَابِ وَالْأَلَم يَا أُمِّي ، يَتَشَدَّق أَبِي الْمَسْكَن بِنَوْعَيْه مِنْ صِيَاحٍ مَكْرُوب بِالْوَهْن وَالْأَلَم :
طَعَامٌ لَيْسَ لَهُ مَذَاق ، بَيْتٍ لَيْسَ مُرَتَّبٌ
أُمِّي الْمِسْكِينَة تلوذ بِالصَّمْت ، مِنْ قُوَّةِ لذاعة الْحُرُوف ، تُرِي مِن مِنْكُمَا المخطاء ؟ !
أَنْظُرُ إِلَى أُمِّي حِينَ تتجلي بِحُضُورِهَا الْمَشْرِق ، حِين يَفُوح مِنْهَا اريح الْجَنَّة بِرَحِيق نَظَافَتِهَا وعطرها .
لَمْ يُعَلِّمْنِي أَبِي أَنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةِ صَدَق ، دَائِمًا فَظ الْكَلِمَات وَالتَّجْرِيح لِكُلٍّ مِنْ حَوْلَهُ ، لِمَاذَا يَا أُبَيّ ؟ ! دَائِمٌ الصُّرَاخ :
أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ ، أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ
أهْدَأ أَيُّهَا الْقِطّ لَا تَنْتَفِض ، بَات الشِّجَار يَنْفُض .
لَن أَقُولُ لَك كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَيَكْفِي أَمَامَك الصَّمْت ، عَالِمٌ الْحَيَوَان رُبَّمَا ارْحَمْ مَنْ عَالِمٍ الْإِنْسَان
ذَات عَقْل كَبِيرٌ يَا أُمِّي ، عِشْرِين عَام وَلَم تتفوهي بِكَلِمَة سُوء إمَامَ أَبِي .
سَكِر أَيُّهَا الْقِطّ الْجَمِيل ، هَل تَذَكَّرْت ؟ ! يَا سَكِر ، عِنْدَمَا ، تَحَدّثَت أُمِّي يوماً عَنْ اخْتِلَافِ الثَّقَافَات ، هَلْ تَعْرِفُ مَاذَا تَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ؟ !
لَا أَدْرِي مَاذَا بِالْأَمْر ، مِثْلَمَا حَتَّى الْآنَ لَمْ أَفْهَمْ ، لِمَاذَا ابْن الْحَارِس يُحَاوِل جَاهِدًا فِى الْقِرَاءَةِ ، بَيْنَمَا أَبَاه يُلَقِّنُه كَثِيرًا مِنْ الضَّرَبَات المفاجئة ، كُلَّمَا رَآهُ يقراء .
سَكِر يَا قطي الْوَدِيع ، اُنْظُرْ مَنْ النَّافِذَةِ أُرِي وَلَا أَفْهَم ، أَسْمَع وَلَا اعي ، مَازِلْت صَغِيرَة ، كَانَتْ تَقُولُ أُمِّي لِي ذَلِكَ .
بَلْهَاء فَاشِلَة ، كَانَ يَقُولُ أَبِي لِى ذَلِك ، يُزَجَّ بِي صَحْن الْأَرْضِ بِلَا عِنَايَةٍ
تَقْذِف أُمِّي بَيْن كفوفي كِتَاب و تبتسم ، عِنْدَمَا كُنْتُ أَلْعَبُ بدميتي .
مَازَال الشِّجَار مُسْتَمِرٌّ ، مازالَت الْمَسَافَات طَوِيلَةٌ حَتَّى أَفْهَم وَأَعِي يَا سَكِر .
شَيْئًا وَاحِدًا أَدْرَكَهُ انكَ تَحْيَا فِى نِعَمِهِ إلَّا فَهْمُ يَا سَكِر
Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

الفتاة االصغيرة سارة قصة بقلم علي بدر سليمان الجزء الاول.

الفتاة الصغيرة سارةبقلمي علي بدر سليمان يعلو صوت القصف وأصوات القذائف على كل شيء ويأخذ الناس بالصراخ والضجيج.ويبدؤون بمغادرة منازلهم وسط حالة من الذعروالخوف.وكل منهم يحاول أن يأخذ أقل مايملكمن…

A unique love story by/ Abdu Morkos Abd El Malak

A unique love story by/ Abdu Morkos Abd El Malak My love story is a unique one. It is more romantic, dramatic, and fantastic than any of those stories; we…

اترك تعليقاً