
الكاتب محمد أبو رامز المؤلف فرج عايد الحسين
======{#النظامالنظام القضائي}====== عند العشائر العربية في الجزيرة السورية المؤلف: #فرجالعايدالفزاعالحسين
باحث في التراث السوري ، شاعر مصقع ، مجاز في اللغة العربية و مجاز في التربية.
له مؤلفات في التراث منها هذا الكتاب القيم الذي بين أيدينا ، وله من النتاج الأدبي: ديوان شعري(أنا وكفها )،(مآرب أخرى) نال العديد من الجوائز ومنها: جائزة اتحاد الكتاب العرب ، جائزة عمر أبو ريشة ، جائزة وزارة الأوقاف في مدح النبي صلى الله عليه وآله و سلم.
يكتب الشعر النبطي والفصيح
أثناء زيارتي لمعرض الكتاب المقام في عمان -مكة مول- مررت بجناح(نور حوران) لصاحبها ابن حوران من بلدة داعل الأخ(غسان المنصير) ، وقدم لي هذا الكتاب كهدية مع كتب أخرى ، ولا يسعني إلا أن أقدم له خالص احترامي ومحبتي وتقديري لجهوده التي يبذلها لإصدار كل ما يتعلق بتراث سورية وحوران خاصة.
من خلال صفحي لكتاب الأستاذ فرج الحسين ، أعجبني كله لما فيه من تراث حول النظام القضائي عند العشائر العربية في الجزيرة السورية، يجهله الكثير في هذا الزمن ، ولقد قمت باختيار موضوع عن نظام القضاء العشائري وهو موضوع (البشعة).
البشعة بفتح الباء وتسكين الشين ، وبعض القبائل تكسر الباء ، وهي إثبات وتجريم شخص بتهمة أسندت إليه أو إزالتها عنه بطريقة لحس النار ، كما أنها أحد الأدلة والإثبات القضائية في منظومة القضاء العشائري ، وقد ذكرها المؤرخ (أحمد وصفي زكريا)، في كتابه عشائر الشام(#البشعةهيتلحيسالنارالمتهم) ، أعني عندما تنفد جميع الأدلة الثبوتية لإظهار المتهم.)
توصيف البشعة: أداتها واحدة #المحماس أو(#الميسم) ، تحمى على النار إلى درجة الإحمرار ، حيث يطلب المبشع من المتهم أن يمد لسانه فيلذعه بالمحماس الساخن جداً ، وينتظر قليلاً ، فإن ترك المحماس أثرا للكي على اللسان يجرم الشخص الخاضع للبشعة وإن لم يترك أثر حرق على طرف اللسان يعلن المبشع براءته ، وهي أفضل جهاز لكشف الكذب.
كيفيتها: تتم عملية(البشعة) بأن يجلس المتهم قبالة(المبشع)، ويجلس الخصوم والشهود لمشاهدة مايجري حيث يقوم المبشع بتسخين(الميسم)، محماس القهوة العربية- حتى تصبح حمراء، ويخرجها ثم ينظر إليها ويقلبها ، ثم يرجعها إلى النار ثانية ، وكل هذا يتم أمام المتهم ، والهدف منه هو التأثير النفسي على المتهم حتى يعترف قبل أن تحرق النار لسانه ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يراقب ملامح المتهم عن قرب وقسمات وجهه ويحلل انفعالاته ، وعندما يصبح المحماس قد جهز واحمر بما يكفي يطلب المبشع من المتهم مد لسانه فيقوم بوضع المحماس على لسانه بسرعة ومهارة لا يتقنها إلا قلة عرفوا هذا الفن وتمرسوا عليه ، ثم ينتظر الجميع بضع دقائق ، ويطلب المبشع من المتهم مد لسانه مرة أخرى أمام الجميع ، فإن ظهرت البثور على لسانه يجرم ، وإن بقي لسانه صحيحا فهو بريء من التهمة المنسوبة إليه ويعلن المبشع براءته.
دواعياللجوءإلى_البشعة.
تكون بطلب من أحد الطرفين المتخاصمين.
بطلب من الرجل نفسه الذي تدور حوله الشكوك.
وفي رأيي(يقول المؤلف) إن تحكم الباشع بحالته النفسية، وثباته الإنفعالي، وجعل كمية من اللعاب فوق سطح لسانه سيحمي لسانه من النار حتى وإن كان مذنبا.
البشعة في المجتمعات الأخرى
لقد ذكرت البشعة في الشعر الهندي عندما أرادت(سيتا) أن تبرهن على أنها بريئة عندما اتهمها بعلها(راما) بأنها خانت عهده وأحبت رجلا غيره ، فحملت قضيبا من الحديد المصلي بالنار وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض ، لم تؤثر النار بيدي راما فنادوا ببراءتها. ونصت القوانين الإسكندناڤية على المتهم أن يسير بالحديد المصلي تسع خطوات ، وكذلك في القوانين الأنجلوسكسونية فقد اشترطوا أن يكون ثقل الحديد المصلي ما يعادل نصف كيلوغرام.
وهناك نوع آخر من البشعة كان معروفا في انجلترا وفي ألمانيا وهو أن يسير المتهم حافيا على حديد المحراث المتأجج نارا ، وأن يخطو تسع خطوات على هذه الحال ، أما قوانين العصور الوسطى فقد أيدت كلها هذا النوع من البشعة واعتبرته من الإجراءات القانونية ، حتى أن الملكة(إما) الإنجليزية أم الملك إدوارد قامت بهذا النوع من البشعة عندما اتهمت بتأسيس صلات غير شريفة بينها وبين(الوين)أسقف وينشتر ، وفعلت كذلك في حادثة مشابهة الملكة الألمانية ، وهناك نوع آخر من البشعة كان معروفا في أفريقيا وأسيا وهو أن يغمس المتهم يده في الماء أو الزيت المغلي أو الرصاص الذائب ويخرج منه حجرا أو خاتما.
يختم المؤلف هذا البحث بقوله: ورغم عدم جواز البشعة شرعا لكنني أعتبرها من أقدم الأجهزة التي تكشف الكذب ، وقد كانت ناجحة في الوصول إلى المذنب الحقيقي في قضايا مهمة جداً كقضايا القتل أو العرض أو السرقة وإثبات النسب.
إعداد محمد أبو رامز .