يا بغداد بقلم: “ضمد كاظم الوسمي”

يا بغداد*
*
هذي الْمَآذِنُ في عُلاكِ تُكَبِّرُ
وَالصُّبْحُ يَصْدَحُ وَالأُسودُ تُزَمْجِرُ
*
هذي الرُّبى تاريخُها مِنْ نَينَوى
حَتّى سَما كوفانَ فيها تُمْطِرُ
*
نَثَّتْ عَلى الدّنْيا الضِّياءَ بِشَمْسِها
وَكِتابُها مازالَ فِكْراً يُبْهِرُ
*
بَينَ الْكَنائِسِ وَالْمَساجِدِ عَجْوَةٌ
عيسى سَقاها وَالنَّبيُّ وَحَيْدَرُ
*
يا مَنْ أَضاءَ نُهاكِ آلُ مُحَمَّدٍ
بابُ الْحَوائِجِ وَالْجَوادُ وَجَعْفَرُ
*
وَبَلَغْتِ في عِلْمِ الْكَلامِ مَعارِفاً
أَهْلُ الدُّنا مِنْ دونِها لا تُبْصِرُ
*
وَالنًّهْرُ يا بَغْدادُ يَجْثو ضارِعاً
وَقَدِ انْطَوَتْ بَينَ الضِّفافِ الْأَعْصُرُ
*
وَعَلى الْقُصورِ نَخيلُ دِجْلَةَ وارِفٌ
وَالرَّوضُ في الزَّوراءِ زاهٍ أَخْضَرُ
*
أَوْلى لَكِ الْأَعْداءُ كُلَّ كَريهَةٍ
رَغْمَ الْعِدى تَبْقينَ أَنْتِ الْأَكْبَرُ
*
وَعَليكِ في كُلِّ الدُّهورِ عَواذِلٌ
لكِنَّكِ الْأَحْلامُ حُبْلى تُثْمِرُ
*
لِلهِ يا بَغْدادُ أَيُّ نَضارَةٍ
كَالتِّبْرِ بَلْ وَسَنا جَبينِكِ أَنْضَرُ
*
ما زُرْتُ يَوماً في رُبوعِكِ حانَةً
لكِنَّني مِنْ عَذْبِ ثَغْرِكِ أَسْكَرُ
*
سُبْحانَ مَنْ أجَلى بِنَوْرِ جَمالِها
لَيلاً سَرى في بَدْرِهِ يَتَعَثَّرُ
*
فَإذا الْهِلالُ عَباءَةٌ لِلِحاظِها
وَإِذا اللُّجُينُ لَآلِيءٌ تَتَنَوَّرُ
*
هزّي بهذا الْقَلْبِ أَشْغَفَ عَنْدَلٍ
غَرِدٍ مُتَيَّمٍ في رِياضِكِ يُسْفِرُ
*
وَتَجَمّلي صَبْراً بِكَأْسِ والِهٍ
مِنْ شَهْرَزادَ سُلافُها يَتَجَمَّرُ
*
سَجَدَتْ عَلى أَعْتابِ مَجْدِكِ أُمَّةٌ
تَتْرى تَدينُ لَها الشّعوبُ وَتَفْخَرُ
*
مِنْ قَبْلُ أَهْلوكِ الْأُلى قَدْ أَرْغَموا
كُسْرى يُسلِّمُ باخِعاً وَالْقَيصَرُ
*
وَالشِّعْرُ مِنْ بَغْدادَ رَونَقُ سِحْرِهِ
وَالْعِلْمُ مِنْها نَبْعُهُ يَتَفَجَّرُ
*
فَإذا تَكَلَّمَ في الْغَرِيِّ مُفَكِّرٌ
يَمْشي بِمِصْرَ عَلى خُطاهُ الْأَزْهَرُ
*
ضمد كاظم الوسمي
العراق
* مجاراة قصيدة ( بغداد ) للدكتور السيد مصطفى جمال الدين رحمه الله
Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

أنفاس النبوءة

سألتُكِ: أينَ تُخفينَ النبوءَةَ الـتيشقّتِ الحُبَّ في رأسي، وفي صدري؟قُلتِ: بلقيسُ ما زالتْ تُجَرّبنيولا تَخونُ قلبًا ما زالَ في السَّرِّما عندكِ هدهدٌ يروي الحكايةَ لي،لكنَّ ما في دمائكِ الآنَ من…

الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

اترك تعليقاً