يا إلهي بقلم : سمير الزيات

يَا إِلَهِي
ــــــــــ
يَا إِلَهِي ، إِنِّي رَأَيْتُ الدَّوَاهِي
تَتَوَالَى عَلَى فُــؤَادٍ سَـــاهِ
عَبْقَرِيِّ الْجَوَى ، شَفِيفٍ ، رَقِيقٍ
سَرْمَدِيِّ الأَسَى ، ضّعِيفٍ ، وَاهِ
يَا إِلَهِي ! ، وَمَا رَأَيْتُ سِوَاهَا
تَعْتَرِيني فِي غَفْوَتِي وَانْتِبَاهِي
عَابِثَاتٍ عَلَى الدَّوَامِ بِحِسِّي
عَازِفَاتٍ بِلَحْنِهِ الأَوَّاهِ
عَاصِفَاتٍ مُفَزِّعَاتٍ لِقَلْبِي
سَاخِرَاتٍ مِنَ الشَّبَابِ الزَّاهِي
***
وَيْحَ قَلْبِي ! ، وَمَا عَسَاهُ يُغَنِّي
بِالأَغَانِي ، وَبِالْحَيَاةِ يُبَاهِي
أَيُّ لَحْنٍ ؟ ، وَقَدْ أَفَاضَتْ عَلَيْهِ
بِالأَمَانِي وَبِالشُّجُونِ السَّاهِي
صَارَ يَشْدُو كَأَنَّ وَحْيًا أَتَاهُ
مِنْ سَمَاءٍ تُفْضِي إِلَيْهِ الدَّوَاهِي
فَإِذَا طَارَ بَيْنَ غُصْنٍ وَغُصْنٍ
ظَلَّ يَشْدُو كَالْبُلْبِلِ التَّيَّــاهِ
***
وَيْحَ قَلْبِي! ، وَقَد تَّمَادَى يُغَنِّي
نَغَمًــا – حَائِرَ الْمَعَانِيَ – لاهِ
يَتَغَنَّى ، وَالدَّمْعُ يَنْسَابُ يُنْبِي
عَنْ مَعَانٍ كَئِيبَةٍ لِلشِّفَاهِ
أَيُّ سِرٍّ فِي شِعْرِهِ الْمُتَسَامِي ؟
يَتَغَنَّى مَا بَيْنَ دَاعٍ وَنَاهِ
أَيُّ سِرٍّ فِي شَدْوِهِ الْمُتَبَاكِي ؟
أَيُّ شَجْوٍ فِي فَنِّهِ الْمُتَنَاهِي ؟
***
هَلْ تُرَانِي وَقَدْ غَدَوْتُ وَحِيدًا
بَائِسًا ، شَارِدًا ، حَزِينًا ، وَاهِ
أَتَلَهَّى بِفِتْنَتِي عَنْ شَقَائِي ؟
أَتَلَهَّى مَعَ الشُّعُورِ السَّاهِي ؟
فَأُعَانِي وَأَنْطَوِي فِي عَنَائِي
أَتُرَانِي مَعَ الْعَنَاءِ أُبَاهِي ؟
هَلْ تُرَاكَ مُعَانِدِي يَا فُؤَادِي ؟
أَمْ تُرَاكِ تُغَرِّدِي يَا شِفَاهِي !
***
لَيْتَ أَنِّي فِي ذَلِكَ الْكَوْنِ نُورٌ
أَتَبَاهَى عَلَى الظَّلاَمِ بِجَاهِي
فَأُضِيءُ الظَّلاَمَ مِنْ نُورِ قَلْبِي
فإِذَا الْكَوْنُ فِي صَبَاحٍ زَاهِ
لَيْتَنِي كُنْتُ فِي الْوُجُودِ شِهَاباً
سَرْمَدِيًّا مُوَجَّهًا لِلدَّوَاهِي
شَزَرًا حَارِقًـا يَطِيرُ إِلَيْهَا
ثَاقِبًا ، خَارِقًا ، عَظِيمَ التَّنَاهِي
يَحْرِقُ الدَّاهِيَاتِ أَنَّى رَآَهَا
يَحْتَوِيهَا فِي حَجْمِهَا الْمُتَنَاهِي
***
لَيْتَ أَنِّي علَى الْحَيَاةِ أَمِيرٌ
آَمِرٌ فَوْقَ الْحَادِثَاتِ وَنَاهِ
زَادَهُ الزُّهْدُ فِي الْحَيَاةِ جَمَالًا
وَجَلالًا ، وَعِزَّةً فِي النَّوَاهِي
فَإِذَا سَــارَ فَالْوَقَــارُ عَلَيْهِ
يَتَجَلَّى في ثَوْبِهِ الْمُتَوَاهِي
يَحْصُدُ الظُّلْمَ وَالشَّقَاءَ وَيَمْضِي
يُسْبِغُ الْحُبَّ ، وَالنَّقَاءَ الإِلَهِي
لَيْتَ أَنِّي رُوحٌ جَمِيلٌ تَعَالَى
فِي فَضَاءٍ مِنَ الصَّفَاءِ الزَّاهِي !
***
يَا إِلَهَ الْوُجُودِ هَذَا رَجَائِي
يَتَسَامَى عَنْ كُلِّ مَالٍ وَجَـاهِ
يَا إِلَهَ الْوُجُودِ هَذَا نِدَائِي
بَيْنَ قَلْبِي ، وَلَوْعَتِي وَشِفَاهِي
لَكَ أَشْكُو مِنْ لَوْعَتِي وَضَلاَلِي
فِي فِجَاجٍ كَثِيرَةِ الإِشْتِبَاهِ
أَنْتَ نُورٌ يَسْمُو بِرُوحِي وَعَقْلِي
عَنْ ضَلاَلِي ، وَعَنْ وُجُودٍ سَاهِ
لَكَ أَشْكُو مَذَلَّتِي وَهَوَانِي
فِي جَحِيمٍ مِنَ الْقُنُوطِ الْوَاهِي
لًكَ أَبْكِي ، وَمَا دُمُوعِيَ إِلاَّ
عَنْ صَفَاءٕ وَخَشْيَةٕ وَانِتِبَــاهِ
يَا إِلَهِي ! ، إِنِّ سَئِمْتُ اغْتِرَابِي
بَيْنَ نَفْسِي ، وَبَيْنَ قَلْبٍ لاَهِ
يَا إِلَهِي ! ، وَمَا قَصَدتُ سِوَاكَ
كُنْ لِقَلْبِي فِي مِحْنَتِي ، يَا إِلَهِي
***
الشاعر سمير الزيات
القصيدة أعارض فيها قصيدة إلى الله لأبي القاسم الشابي رحمه الله

Related Posts

أنفاس النبوءة

سألتُكِ: أينَ تُخفينَ النبوءَةَ الـتيشقّتِ الحُبَّ في رأسي، وفي صدري؟قُلتِ: بلقيسُ ما زالتْ تُجَرّبنيولا تَخونُ قلبًا ما زالَ في السَّرِّما عندكِ هدهدٌ يروي الحكايةَ لي،لكنَّ ما في دمائكِ الآنَ من…

الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

اترك تعليقاً