مجزرة الطحين بقلم الكاتبة حنان قباني

مَجْزَرةُ الطّحين

لَمْ يعرفِ التّاريخُ قبلاً يا جميلةْ
رغيفاً قتلَ جائعاً أَمامَ
تَنّورِ القبيلةْ

لمْ تعرفِ البشريَّةُ أَنَّ القمْحَ قاتلٌ
حتّى تغَبّرَتِ الحياةُ بِطَحينِ الرّذيلةْ

حينَ رَجِعَ النّاجي الوحيدُ إلى أُمِّهِ
وهي تبكي أخاهُ قَتيلا :
_ أُمّي..أٌمّي، اسْتبْشري ..
لقد أًحضرتُ طحينَاً،
سَأَدعو الرِّفاقَ إلى وَليمةْ
أَلَا اصْنعي لَنا خُبْزَاً ساخِناً
يَكْفي طُيورَ بلادي العَليلةْ

قالَ: أُمّي ..لا تبكِ ..
أَخيراً رَوى الإِخْوةُ عِجفافَ الأَيّامِ الطَّويلةْ
سأَخرُجُ لِأَجْمَعَ أقشاشَ الخِيامْ
لِنُشْعِلَ نارَ المَوْقِدِ في المساءْ
علّ هدنةً تمنحُنا بساطَ السّلامْ
فَيَمْتَلِىءُ الليلُ بالضِّياءْ…

آاااهٍ يا ولدي …
ما أَعْذبَ أحلامَ الطُّفولةْ !!!
آااااهٍ ياولدي..
ما أَقْرَبَ أحلامَ الطُّفولةْ !!

خَرَجَ الطِّفلْ فَرِحاً
نَسيَ الطّفلُ جُرْحاً
وَضَعَ عليهِ مِلْحاً ..
فهو اليومَ سينامُ قريرَ المعِدةْ

حَفَرَتِ الأُمُّ قَبْراً
لِتَزْرَعَ فيه رَوْضاً
لِتُرْقِدَ فيهِ كَبِدَها
لِتَدْفِنَ جوعَ ولدِها…

رَجعَ الطِّفلُ عَجِلاً
تَدافعَ الأَتْرابُ يُنشِدونَ الرَّغيفَ

صرخَ ناجي : “أُمّي ..أينَ أَخي؟”
لقَدْ قَتَلَنا الجوعُ،
لَكِنَّنا لنْ نَأْكُلَ قَبْلَهْ ..

قالتْ: يا وَلَدي ..
أَنتُمْ عصافيرُ الخَميلةْ !
لَكنَّ رصاصةَ الصَّيّادِ تُمَزِّقُ السَّرْبَ
وبارودُهُ يُنْهي الحياةَ
وَما أَسْهلَ قَتْلَ الطُّفولةْ !!!

لَمْ يَعْرِفِ التّاريخُ قَبْلاً يا أَبنائي
شُؤماً كهذا قَتَلَ أفراحَ القبيلةْ !!!
3/4/2023
HANAN

Related Posts

سيماء رمي العقال والشماغ في الثقافة العربية القبلية بقلم فرج الحسين

سيماء رمي العِقال والشماغ في الثقافة العربية القَبَلية:للعقال وغطاء الرأس سواء كان شماغاً (يشمراً) أحمراً أو غترة بيضاء أهمية كبيرة في الثقافة العربية والموروث الشعبي العربي لأن اليشمر والعقال يحتلان…

سورية لا تخافي سلمان له وقفه

يا سعودي يا فخرنا، يا عِزنا ويا مجدنايا وهج صبحٍ سرى، ما غيرك بعيني سنا من سلالةْ من جدوده ما تخلّى عن وفافزعةٍ لا هبّت الدنيا، وقف ما قد جفا…

اترك تعليقاً