كانت مَلاكاً بقلم: “سمير عبد الرءوف الزيات”

كانت مَلاكاً
ـــــــــــــــ
مَنْ بِالْهَوَى غَنَّاهَا ! ؟
لَحْنَ الْمُنَى فَطَوَاهَا
وَمَنْ تَغَنَى بِالْجَمَالِ ؟
فَعَانَقَتْهُ يَدَاهَا
مَنْ ذّا تَغَنَّى بِالْهَوَى
وَبِالْهَوَى أَغْوَاهَا
فَتَعَثَّرَتْ فِي غَيِّهِ
وَتَسَاقَطَتْ قَدَمَاهَا
وَتَأَوَّهَتْ فِي حُبِّهِ
وَتَدَامَعَتْ عَيْنَاهَا
فَإِذَا رَأَتْنِي أَشْرَقَتْ
وَتَبَسَّمَتْ شَفَتَاهَا
وَإِذَا سَأَلْتُ عَنِ الْهَوَى
تَكَتَّمَتْ فَحْوَاهَا
***
يَا أَيُّهَا الحُبُّ الَّذِي
قَدْ كَانَ مَا أَشْقَاهَا
نَاجَتْ غَرِيباً ، لَيْتَهَا
نَاجَتْ رَفِيقَ صِبَاهَا
فَأَنَا الَّذِي قَدْ كُنْتُ فِي
هَذِي الْحَيَاةِ هَوَاهَا
وَأَنَا الَّذِي أَبْصَرْتُ مَا
قَدْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاهَا
وَأَنَا الَّذِي غَنَّيْتُهَا
فَتَشَوَّقَتْ أُذُنَاهَا
وَاهْتَجْتُ بِالأَشْعَارِ لَمَّا
تَمْتَمَتْ شَفَتَاهَا
***
قَدْ كُنْتُ لَوْ أَخْلُو بِهَا
يَغْتَالُنِي خِصْرَاهَا
فَأَضُمُّهَا وَتَضُمُّنِي
حَتَّى تَخُورَ يَدَاهَا
وّإِذَا لَمَسْتُ شُعُورَهَا
إِشْتَاقَنِي عِطْفَاهَا
وَإِذَا هَمَمْتُ بِثَغْرِهَا
مَلَّ الْجَوَى خَدَّاهَا
***
قَدْ كُنْتُ فِي مَهْدِ الصِّبَا
لا أَسْتَطِيبُ سِوَاهَا
أَنَّى مَضَيْتُ تَشُوقُنِي
وَتُعِيدُنِي عيْنَاهَا
وَإِذَا مَشَتْ وَتَبَخْتَرَتْ
عَدَّ الْفُؤَادُ خُطَاهَا
وَإِذَا لَعِبْنَا نَسْتَزِيــدُ
مِنَ الْحَيَاةِ بَهَاهَا
وَإِذَا ضَحِكْنَا هَا هُنَا
لِكَ أَيْنَعَتْ شَفَتَاهَا
وَإِذَا جَلَسْنَا نَسْتَرِيـحُ
تَزُجُّنِي كَفَاهَا
لِلَّهْوِ وَالْعَبَثِ الَّذِي
كُنَّا بِهِ نَتَبَاهَى
وَإِذَا افْتَرَقْنَا نَلْتَقِي
وَدَائِماً أَلْقَاهَا
كَانَتْ حَيَاتِي كُلُّهَا
فَهِيَ الَّتِي أَهْوَاهَا
***
يَا أَيُّهَا الْحُبُّ الَّذِي
قَدْ كَانَ مَا أَحْلاَهَا
كَانَتْ إِذَا غَنَّى الْهَوَى
تَشْدُو بِمَا غَنَّاهَا
وَتَذُوبُ فِي نَسَمَاتِهِ
وَتُشِيعُ فِيهِ شَذَاهَا
بالأَمْسِ كَانَتْ نِسْمَةً
تهفو لِمَنْ نَادَاهَا
وَالْيَوْمَ صَارتْ نِقْمَةً
نَاراً لِمَنْ زَكَّاهَا
صَارَتْ سَرَاباً يَحْتَوِي
آَمَالَ مَنْ رَجَّاهَا
***
يَا مَنْ لَهُ صَارَ الْهَوَى
يَا مَنْ لَهُ نَجْوَاهَا
نِلْتَ الغَرَامَ وَتَشْتَكِي
فَمَنِ الَّذِي قَسَّاهَا ؟
إِنْ كُنْتَ تَرْجُو حُبَّهَا
فَالْحُبُ مَا كَفَّاهَا
سَتَكُونُ مِثْلِي فِي غَدٍ
تَشْكُو جُحُودَ أَسَاهَا
سَتَسِيرُ فِي أَهْلِ النَّوَى
تَبْكِي عَذَابَ نَوَاهَا
***
يَا صَاحِبِي لاَ تَبْتَئِسْ
إِنْ كُنْتُ لاَ أَنْسَاهَا
أَنْكَرْتُ فِي كُلِّ الْحَيَاةِ
مِنَ الْجَوَى إِلاَّهَا
فَهِيَ الْحَيَاةُ وَإِنْ طَغَتْ
سُبْحَانَ مَنْ حَلاَّهَا
أَصْبَحْتَ مِثْلِي فِي الْجَوَى
تَبْكِي عَلَى ذِكْرَاهَا
ذِكْرَى حَيَاةٍ قَدْ مَضَتْ
عَنْ كُلِّ مَنْ غَنَّاهَا
رَاحَتْ عَنِ الدُّنْيَا الَّتِي
كُنَّا بِهَا نَهْوَاهَا
ذَهَبَتْ إِلَى دَارٍ إِذَا
سِرْنَا بِهَا نَخْشَاهَا
***
يَا صَاحِبِي هَيّا بِنَا
نَبْكِي عَلَى مَثْوَاهَا
هّيَّا لِنَقْرَأْ سُورَةَ
الرَّحْمَنِ فِيهِ وَطَهَ
هَيَّا لِنَزْرَعْ وَرْدَةً
مِثْلَ الَّتِي تَهْوَاهَا
فَيَظَلُّ يَرْوِيهَا الْهَوَى
حَتَّى يَطِيبَ شَذَاهَا
وَيَضُوعَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى
وَيَذُوبَ فِيهِ دِمَاهَا
***
يَا نَاعِياً عَهْدَ الْهَوَى
تَبْكِي فُتُونَ صِبَاهَا
أَنْصِتْ لِقَلْبِيَ إِنَّهُ
يَبْكِي عَذَابَ صَبَاهَا
كَانَتْ مَلاَكاً لَيْتَهَا
عَاشَتْ وَمتُّ فدَاهَا
المَوْتُ عِنْدِي مَطْلَبٌ
عِيدُ لِكَيْ أَلْقَاهَا
***
سمير عبد الرءوف الزيات
Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

كأنك مطر بقلم بسام احمد العبدالله

كأنكِ مطر لا تسألي كيف أحبكِأنا لا أملك تفسيرًاكما لا تملك الريحُ مبررًا لجنونهاولا البحرُ سببًا لافتراسه اليابسة حين تغيبينتغلق المدنُ أبوابها، وتصير الأرصفةُ مبلّلة بالأسىكأنكِ المطرُولم تأذني للغيم أن…

قلبٌ حالم في زمن صعب بقلم يسار الحبيب

قلبٌ حالمٌ… في زمنٍ صَعْب! لم تكن معرفتي بأدباء وباحثي محافظة الحسكة ومدنها قبيل عام 1998م إلا من صفحات الكتب أو المجلات، يومئذٍ كنت أتمتم حروفي الأولى، في تجربة شعرية…

اترك تعليقاً