“فراعنة العصر ” الجزء الخامس … بقلم إدريس جوهري

كنت أشاهد الأخبار ، عندما رأيت أنقاض الدمار ،
و الخراب ، و الجثث في كل مكان ، استرجعت مشاهد
العمليات السرية ، التي كنت أشارك فيها ، في العراق ،
و إيران ، و البوسنة و فنزويلا ، و نيجيريا و باكستان ..
اللائحة طويلة ، ما زالت صورتها عالقة في ذاكرتي ..
لأول مرة ، لم أقرأ ذلك الخوف الذي يمكن التنبؤ به ،
والذي لا يمكن كبته من الموت في العيون الخضراء ،
التي كانت تحدق في وجهي على العكس من ذلك ،
ظننت أنني اكتشفت فيها شكرًا ممزوجًا بالارتياح ،
بدا الأمر مستحيلاً ، بالنسبة لي عادة ، يفقد الأشخاص
الذين استهدفتهم كل كرامتهم إنهم يبكون ، يصرخون ،
يتوسلون ، حتى يسيل لعابهم ، ويبولون في أغلب
الأحيان ، إنه ليس مشهدا ممتعا من الأفضل للجميع
تقصيرها ، لكن هناك ..!! كان الأمر مختلفًا كانت راكعة
أمامي ، وبدا أنها تنظر إلي بتحدي كان الجميع
على الأرض ، ووجوههم مدفونة في أذرعهم ،
كما طلبت ، كانت وحدها قد عصيت ، كما لو أنها
أرادت الاستفادة من فرصة طال انتظارها ليس
من السهل السطو على قرية تحتوي على البترول ،
ومن الواضح أننا نفضل تجنب الأضرار الجانبية ،
الجزء الصعب هو إدارة الناس ، لطالما بدا الأمر مجنونًا
بالنسبة لي ، لأننا جميعًا نعرف حتمية مستقبلنا ،
لكن الناس يتصرفون كما لو أنهم لا يعتقدون أنهم
سوف يختفون أبدًا ، لذلك عندما يتم القبض عليهم ،
أو خطر الموت ، يفقد البعض السيطرة تمامًا حتى
أولئك الذين يبدو أنهم يعيشون حياة سيئة ، يبدأون
في التذمر ، والاهتزاز والتمرد ، لكن المرأة التي تحت
مسدسي لم تكن كذلك ، كانت منتصبة ، صامتة ،
لا ترتجف ، في موقف كرامة مثير للإعجاب ..!!
كانت تنظر في عيني مباشرة وفي ذلك اليوم نسيت
قناع القاتل المحترف .. لذا إذا اتبعت الإجراء ،
يجب علي قتلها دون تردد لقد عرفت ذلك لكنني
لم أستطع .. ماذا تنتظر ..؟؟ أعادني صوتها العميق
إلى الأرض ، من حولي كان الجميع يصرخون ،
خائفون .. أصدقائي ، عصبيون ..!!
– هيا ” أوليفر ” ، أنت تعرف القواعد ،
عليك التخلص منها فورا ..!!
بقي دقيقتان ويتم إرسال الدرون لقصف المكان …!!
اختفت نظرة ” لوسيانا ” ذات الستة عشر ربيعا ..
رصاصة أطفأت شرارة الكبرياء ، لكن صورتها لازلت
أحتفظ بها في ذاكرتي .. مازالت تأتيني كوابيس مرعبة
بسبب أعمالي السابقة … لكن ما عساي أصنع ،
هكذا دربونا و برمجونا كالروبوتات ،
التي تنفذ الأوامر بدون نقاش ، ولا معارضة ،
في إنجلترا بوكالة الاستخبارات ” إم آي 6 ” ،
باسم خدمة السلام و الديموقراطية …!!
لكن ضميري الإنساني يأنبني كثيرا ، و يقض مضجعي ،
و إلى اليوم أشباح كل تلك الضحايا تعيش معي ،
هي جزء من حياتي .. تذكرني بماضي الإجرامي … تابع

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

سيماء رمي العقال والشماغ في الثقافة العربية القبلية بقلم فرج الحسين

سيماء رمي العِقال والشماغ في الثقافة العربية القَبَلية:للعقال وغطاء الرأس سواء كان شماغاً (يشمراً) أحمراً أو غترة بيضاء أهمية كبيرة في الثقافة العربية والموروث الشعبي العربي لأن اليشمر والعقال يحتلان…

سورية لا تخافي سلمان له وقفه

يا سعودي يا فخرنا، يا عِزنا ويا مجدنايا وهج صبحٍ سرى، ما غيرك بعيني سنا من سلالةْ من جدوده ما تخلّى عن وفافزعةٍ لا هبّت الدنيا، وقف ما قد جفا…

اترك تعليقاً