غادة القدس

غادة القدس


شعر/د. عبد الولي الشميري


أَطْلِقَا مِنْ قَيْدِ عَيْنَيْهَا يَدَيَّا
وانْظُرَا عُشَّاقَها في مُقْلَتَيَّا

واكْسُواهَا مِنْ جَلابِيبِ دَمِي
فقد اشْتَقْنَا إلى المَوتِ سَوِيّا

طَالَمَا اشْتَاقتْ لِمَا أشتاقُه
قَلْبُها قَلْبِي سُرورًا وبُكِيَّا

تتراءَى لي خَيالًا فَاتِنًا
لم يَغِبْ صُبْحًا ولا غابَ عَشِيَّا

غادةَ القُدسِ إليكِ المُشْتَكى
فالهوى بعدَكِ أمسى مَقْدِسِيَّا

خَرَجَتْ والصُّبحُ يَقْفُو ضَوْءَها
عَاشِقًا مثلي لَمَاها العَسَلِيَّا

وَمَشَتْ تَنْقُشُ في الأرضِ خُطًى
يَرسُمُ الخَطْوُ كِتابًا نَبَويَّا

كَيْفَ أضحى طَرْفُكِ السَّاجي الَّذِي
يَسْلُبُ الألبابَ نصرًا أَبَدِيَّا؟

خَدُّكِ الفُلِّيُّ أَمسى بَاتِرًا
وحُلْي الخَصرِ زلزالًا عَتِيَّا

يا عروسَ الخُلْدِ كم مِن خائفٍ
في الرِّجالِ الدُّهْمِ يَعلِفْنَ المَطِيَّا!

أنتِ في القَامُوسِ إرْهابِيَّةٌ
كَيْفَ تَعْصِينَ النِّظامَ العالَمِيّا؟!

ودَّعَتْ والنَّاسُ في أَطْفَالِهِمْ
يَتَحاسَونَ الهَوَانَ العَرَبيَّا

قَبّلَتْ إخْوَانَها في نَوْمِهِمْ
أمعَنَتْ في أُمِّها الطَّرْفَ مَلِيَّا

وارتدتْ فُسْتَانَ روحٍ طَاهرٍ
وَحِزامَ الخَصرِ موتًا لا حُلِيَّا

بعضُ ما تُخْفِيهِ فِي مِعْطَفِها
طَوقُ عَهدٍ لِمبادِيها وَفِيَّا

دَلَفَتْ كاللّيثِ تَمشي لَبْوةً
تَعْشَقُ اللهَ خَلِيلًا ونَجِيَّا

تقمعُ الإرهابَ في أوكارِهِ
أرهبت خَصمًا عنيدًا دَمَويَّا

غادةَ القُدسِ إليكِ المُشْتَكَى
فَالهَوى بَعْدَكِ أَمْسَى مَقْدِسِيَّا

جادَكِ الجُودُ وأيَّامٌ خَلَتْ
كان فيها الحَقُّ للدُّنْيا وَلِيَّا

سَنَرى الصُّبحَ وإن طَالَ الدُّجَى
مُسْفِرَ الوَجْنَةِ وَضَّاءً نَدِيَّا

  • Related Posts

    أنفاس النبوءة

    سألتُكِ: أينَ تُخفينَ النبوءَةَ الـتيشقّتِ الحُبَّ في رأسي، وفي صدري؟قُلتِ: بلقيسُ ما زالتْ تُجَرّبنيولا تَخونُ قلبًا ما زالَ في السَّرِّما عندكِ هدهدٌ يروي الحكايةَ لي،لكنَّ ما في دمائكِ الآنَ من…

    الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

    الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

    اترك تعليقاً