رسائل من نار بِقَلَم الاديبة عَبِير صَفْوَت

رسائل من نار
بِقَلَم عَبِير صَفْوَت

هَل تُحَدِّثُنَا عَنْ زَمَنِ الْخَدِيعَة ؟ ! أَو الْوَقِيعَة بَعْدَ مُرُورِ الْأَزْمَان ؟ !

قَالَ الْمُحَقِّقُ ” قِسْمٌ ” هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيَّ “هر” ، يَتَرَصَّد ثَلَاثَةٌ مِنْ صِغَارِ الْعَصَافِيرِ أَسْفَل شَجَرَة ، طَوَّحَت بِهِم الرِّيَاح مِن اعشاشهم وَقَد انتوي الْغَدْر بِهِم .

قَالَ الطَّبِيبُ مُبْتَسِما يَتْبَع الْمَوْقِف :

الْغَرِيب أَن الْعُصْفُور الْكَبِير ، كَان يُرَافِق الْقِطّ دَائِمًا .

تَفَكَّر الْمُحَقِّق قَائِلًا :

لَيْسَ هُنَاكَ دَافِعٌ لخيانة الْأَحِبَّة ، حَتَّي يَقُولُونَ إنّ احبابهن كَانُوا يَسِيرُونَ فِى الطَّرِيقِ الْخَاطِئ .

لَوْح الطَّبِيب مُتَذَكِّرًا الْقَضِيَّة :
قَالَت الثَّلَاث نِسَاء الْحَقِيقَة ، وشهدت كلا منهن أَنَّ الصُّوَرَ الخادشة للحياء ، كَانَت لِثَلَاث رِجَالٌ خَاصَّتَهُم .

أَضْحَى الْمُحَقِّق مُتَحَيِّر :

لَيْسَ هُنَاكَ دَافِعٌ لِلْفَضِيحَة ، وَخُصَّتَا وَإِنْ كَانُوا أَحَبَّه .

قَالَ الطَّبِيبُ بِإِصْرَار :

الدَّافِعَ هُوَ الْمَالُ أَوْ الانْتِقامِ بِالطَّبْع .

لَحْظَة قَاتَلَه حِينَ دَخَلَ الطَّبِيبُ الشرعى يَتَهَدَّج مِنْ هَوْلِ الْمُفَاجَأَة لاهِثا :

صَدْمَة مُرْوِعَةٌ ، قَتَلْت الثَّلَاث نِسَاء اللَّوَاتِي ادانت احبابهن نَحْو الصُّوَر الخادشة للحياء .

اِضْطَرَم الْمُحَقِّق قاضبا بَيْن حجباة ملوحا :

مِنْ الْجَانِي ؟ ! وَمَا حَلَّ الأُحْبُولَة ؟ .

نَظَرِ الطَّبِيبِ الشَّرْعِيّ فِى وَجْهِ الْأَرْضِ ، قَائِلًا بِمَلَامَة :

الْقَاتِل مَجْهُولٌ حَتَّي الْآن .

جَلَسَت صَاحِبِه الْعَقَار فِى هُدُوء قابِع مَنْ وَطِء التَّوَقُّع تسرد فِى مَشْهَد دِرامِي بَحْتٌ :

مُنْذُ ثَلَاثَةِ مِنْ الشُّهُورِ ، طَلَبَت الثَّلَاث نِسَاء مَسْكَن وَاحِد ، وَكَانَتْ الْعَيْنُ لراحلين ادانهن .

صَار الْوَضْع طَبِيعِيٌّ مُنْذُ ثَلَاثٍ مِنْ الشُّهُورِ ، حَتَّى آنذاك الْخِطَابِ الَّذِي أُتِيَ إلَيْهِنّ .

لَاحَظَت الِاخْتِلَاف وَالِاضْطِرَاب عَلَى سلوكهن ، حَتَّي أَن أَتَت إحْدَاهُنّ لزيارتي ، تتساءل عَنْ حَالِ صديقتها وَالْأَقْوَال الَّتِي تَحَدّثَت بِهَا .

بُدِئ الشَّكّ يَلْتَمِع بِقَلْبِي وَأَدْرَكْت أَنَّ هُنَاكَ وَاقِعَةٌ عَلِيًّا بِهَا الِانْتِظَار .

حَتَّي أَخْتَفِي الثَّلَاث نِسَاء أُسْبُوعًا كَامِلًا ، ثُمَّ أَرْشَدَ الْجِيرَان عَنْ رَائِحَةٍ بَشِعَة بِالدَّوْر الْعُلْوِيّ ، تَبَيَّن عَن مقتلهم بِطَرِيقِه لَا تُفْضِي لِضَمِير .

تَابِعٌ الْمُحَقِّق باهْتِمام :

مَا الَّذِي مَنَعَك للاطمئنان عَلَيْهِنّ ، طِيلَة الأسْبُوعَ الْمَاضِي بَعْدَ اختفائهن .

قَالَتْ الْمَرْأَةُ الْعَجُوز :

أَنَا امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تقطن بالطابق الْأَوَّل ، وَهُنّ نِسَاء يافعات يقطنن بالطابق الْعُلْوِيّ وَهُو الْأَخِير ، واقدامي لَا يَسَعُهَا الْأَمْرِ ذَلِكَ .

اِسْتَعْلَم الْمُحَقِّق بِحُكْمِه :

عَنْ مَاذَا كَانَ يتحدثن إلَيْك ؟ !

أَجَابَت صَاحِبِه الْعَقَار :

كَانَت تاتيهن رَسَائِل مِنْ الْعَالِمِ الافتراضي لِكِلَا مِنْهُنَّ عَلَى حَدًّا ، قَالَت إحْدَاهُنّ مَرَّة :

أَنَّ شَخْصًا مَجْهُولٌ الْهُوِيَّة يَبْعَث لَهَا حَدٌّ الشَّكّ والوجس بصديقتها الاخري .

أَوْقَف الْمُحَقِّق صَاحِبِه الْعَقَار بِإِشَارَة وَتَسَاءَل :

بمعني ؟ !

اسْتَكْمَلَت صَاحِبِه الْعَقَار :

كَانَ شَخْصًا مَا يَقُولُ لِكِلَا مِنْهُنّ ، أَن الأخري تُؤَدّ ألاستلا عَلِيّ حبيبها الْأَخِير .

قَالَ الْمُحَقِّقُ كَأَنَّه يُدْرِك الْأَمْر :

حَدَثَت الْفِتْنَة الشِّرِّيرَة بَيْنَ النِّسَاءِ ، حَتَّي قَامَت كُلًّا مِنْهُمن بِالْكَيْد للاخري ، ثُمّ قَامَا الثَّلَاثة بِقَتْل كُلًّا مِنْهُنّ لتتخلص مِن الأخري .

جَلَس الطَّبِيب الشَّرْعِيّ يُوَجَّه الاتِّهَام لِعَامِل غَامِضٌ ، حَتَّي قَال :

قَضِيَّة مُدَبَّرَة وحكيمة مِنْ رَأْسِ قَوِيمٌ بِالْعِلْم وَالْمَعْرِفَة .

لَاحِقٌ الْمُحَقِّق الْأَمْرِ وَهُوَ يُشْهِر سِيجَارَة الْغَلِيظ :

وَالْأَدِلَّة ؟ ؟

قَالَ الطَّبِيبُ :

بَل لِمَاذَا شَهِدَت النِّسَاء الثَّلَاثِ عَلَى احبائهن بِالسُّوء ، وقالن أَنَّ الصُّوَرَ الخادشة للحياء لَهُم .

تَابِعٌ الطَّبِيب :

هُنَاكَ مَنْ أَدْخَلَ بعقولهن أَنَّ كُلًّا مِنْ الأخري تُؤَدّ ألاستلا عَلَى حبيبها ، وَهَذَا بِالْإِثْبَاتِ مِنْ الصُّوَرِ الخادشة للحياء بَيْن كُلًّا مِنْهُنَّ مَعَ خِلَافِ الَّذِى تُحِبُّه .

دَبَّت الْغَيْرَة وَالْحِقْد بِقُلُوب النِّسَاء وَقَام الْمَجْهُول بمراسلتهن بِبَعْض الصُّوَر المفبركة لِرِجَال ، مِمَّا دفعهن الاشهار بِالرِّجَال والتجني عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ يمارسون السُّوء .

تَمْلِك الْمَجْهُول مِنْهُنّ وَتَمَخّضَت الْفِتْنَة بَيْنَهُنّ ، حَتَّي بُدِئ الشَّكّ بَيْنَهُنّ بِلَا فَوَاصَل ، وَبَات الِانْتِقَام يَئِنّ بصدورهن يُشْهِر السِّلَاح إمَامِ الْوَقْتِ ، حَتَّي دَفْعِهِم الْمَجْهُول إلَيّ قُتِل كُلًّا مِنْهُنّ للاخري .

قَالَ الْمُحَقِّقُ مُتَعَجِّبًا :

قَال فَاعِل الْخَيْر ، أَنَّ الْجَانِيَ هُم الْأَحِبَّة بَعْدَمَا خَرَجَ كُلًّا مِنْهُمْ مَنْ الْمُحْبَس .

قَالَ الطَّبِيبُ :
هَذَا هُوَ فَكّ شَفْرَة اللُّغْز ، يُؤَدّ الْمَجْهُول أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْ الرِّجَالِ لَكِنْ لَمْ تَثْبُتْ التُّهْمَة عَلَيْهِم .

فَقَرَّر الِانْتِقَامِ مِنْ الْمَحْبُوبَاتِ وَإِن يُشْهِر الاتِّهَام بِالرِّجَال الأبرياء .

تَيَقَّن الْمُحَقِّق بِسُؤَال :

تُرِي مِنْ الْفَاعِلِ لِكُلِّ ذَلِكَ ؟ !

قَالَ الطَّبِيبُ :

فَتَّشَ عَنْ الْمَرْأَةِ .

الْمُحَقِّق :
وَيْلاَت مِنْ الِانْتِقَامِ أَن غَضِبْت الْمَرْأَة .

قَالَ الطَّبِيبُ :

جذبني نَمَط الصُّوَر وَالتَّدْقِيق فِى التَّرْكِيب ، وَلَم أُرِي إلَّا نِسَاءٌ مَعْدُودَات يُقِمْن بِذَلِك .

أَخَذَنِي الْفُضُول وتساءلت بِالْأَحِبَّة الأبرياء مِنْ الرِّجَالِ ، تَبَيَّنَ مِنْ الْأَمْرِ أَنَّ امْرَأَةً وَاحِدَةٍ ، كَانَت حَبِيبَة لِكِلَا مِنْهُمْ وَلَكِنْ عَلَى عِدَّةِ سَنَوَاتٍ .

اسْتَكْمَل الْمُحَقِّق كَأَنَّه يُتَابِع حِكَايَةٌ لَطِيفَةٌ :

قَرَّرْت الْمَرْأَة الْغَامِضَة الِانْتِقَامِ مِنْ الرِّجَالِ وزجهم بالمحبس ، وَهِيَ تُعْلَمُ أَنَّهُم سيبرؤن مِنَ التُّهْمَةِ ، وَعِنْد خُرُوجِهِم ، كَانَتْ النِّسَاءُ الثَّلَاثَة الأبرياء عَلَى شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ ، حَدَثَت الْفِتْنَة أَيْضًا بِالصُّوَر المفبركة ، الَّتِي تَجْمَعُ الْحَبِيب مَع حَبِيبَة غَيْر حبيبتة ، حَتَّي قَرَّر الثَّلَاث قُتِل كُلًّا منهمن .

قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ بَلَغَه مَاسَوَيْه :
نَعَم تَمّ الْقَتْل بدس السُّمّ فِى أَنَّ وَاحِد وَلَحْظَةٌ وَاحِدَة وَيَوْم وَاحِد .

نَظَرِ الطَّبِيبِ نَظَرِه متوحشة يَتَساءل :

إلَيْك بِهَا آلِيا هَذَا الْمَخْلُوق الشَّيْطَانِيّ ، لابُدَّ لَهُ الْفَنَاءِ مِنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ .

تَأَسُّف الطَّبِيب :
لَلْأَسَف نَفَذ الْأَمْرِ مِنْ قَبَضْنَا ، حَتَّي أُتِي بَلاغٌ مِن احدي الْمَارَّة ، أَنَّ هُنَاكَ قُتَيْلَة أَسْفَل بَيْت المتهمة ، وَالرَّاحِلَة هِيَ الَّتِي دَبَّرْت كُلُّ هَذِهِ المكائد .

قَالَ الطَّبِيبُ نَاظِرًا نَحْوَ السَّمَاءِ ، وَلَم يَهْدِي رَوْعِه :

إذَا أَنْتَهِي دُورِنَا إلَيَّ هَذَا الْحَدِّ .

أَبَدِي الطَّبِيب بِإِشَارَة مِنْ الْخُشُوعِ وَالصَّمْت المدوي بِالسَّكِينَة ، يَصْدُر إشَارَةٍ لَيْسَ بِهَا أَيْ تَعْقِيب . .

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

الذاكرة والضمير (ضمير الإنسان) للكاتبة ملفينا ابومراد.

الذاكرة والضمير(ضمير الانسان ) تعني كلمة “ضمير” ـ وَفقًا لـ”مُعجم المعاني الجامع”: استعدادا نفسيّا لإِدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأَقوال والأَفكار، والتفرقة بينها، واستحسان الحَسن واستقباح القبيح منها. ويُقصد بـ”الضَّمير…

One thought on “رسائل من نار بِقَلَم الاديبة عَبِير صَفْوَت

  1. Howdy outstanding website! Does running a blog similar to this take a great deal of work? I’ve absolutely no expertise in computer programming however I had been hoping to start my own blog in the near future. Anyways, if you have any ideas or techniques for new blog owners please share. I know this is off subject nevertheless I simply had to ask. Appreciate it!|

اترك تعليقاً