“حراطا” و “لاسيتي” بقلم: “عبدالرحمان صديقي”

المدينة، القحط و الكلاب.
(1)”حراطا” و “لاسيتي”
… …. …. …
-حتى الكلاب ؟
-نعم .اجاب الحمريطي بثقة مفرطة،وراح يتلفت للجالسين لعل احدهم يتجرأ و يناقضه.
-لكن لماذا فعلتم به ذلك؟ سأل عريوة.
كانت قهوته تكاد تنفذ و اكثر ما يحب من قهوته (مؤخرتها)كما يحلو له ان يسميها.انه يتذكر كل صغيرة و كبيرة من ايام الطفولة ومن افعاله و زمرته ،التي انتسب اليها كل مسعور ،و جل من نبذه الاصدقاء لسوء طبع او عدوانية وشقاوة، اذ لم يسلم الا قليل من شرورهم الصبيانية و سذاجتها.
ولا يكاد يمر يوم دون ان يشتكي منهم احد.
ورغم ذلك كانت الطيبة سمتهم الطاغية والمرح وحبهم لبعضهم.كانوا لا يبخلون على بعضهم باي شئ ،يتقاسمون كل شئ…لكن ماذا كان عندهم ليتقاسموه،كان الفقر يحتل المدينة ،والحاحة سكنت في البيوت و نسجت خيوطها فوقع من وقع في شباكهاولم يسلم تقريبا احد.ورغما عن الحاجة و العوز والفقر كان اهاليهم يتوادون ويرسل بعضهم لبعض مما يطهون ولو على قلته.
لم يكن صاحبنا يصغي للحمريطي فقد اخذه خياله بعيدا الى زمن طفولته في حي “لاسيتي” اذ كان كل يوم وشلة “بيكيا المجنون” و من رؤوسها ،زعيتر و القرد والمحروق والرياق، وآخرون يستتبعون ولكل حظه من المعاير،وكانت مجموعة تلم كل ذي عاهة او كنية لمالصاحبها منها من نصيب ان خلقا او خلقا.
كانت احلى الايام حيث لا دراسة ، اعيادهم العطل ،و غياب المعلم او غير ذاك. حتى وان كانت سويعات فهي كافية لتدخل لنفوسهم البهجة والحرية فيطلقون لها العنان للعب و المرح و التهريج و العراك، و خاصة الذهاب الى “كاف عاس روحو” او خيزرانة لجلب النبق او الى “جبل غرين”.
ان صوت “سعد”كان يشده كلما مروا على مشارف بيته و هو يشدو بصوته الرائع .كان يتحجج باي حجة ليتخلف عنهم ولو قليلا ليسمعه يشدو ،لم يكن يعرف لمن كان يغني سعد ،لكنه كان يطرب لصوته .لكن لمن كان يغني “سعد” وقتها؟ .لمن؟…من يدري؟
كان “المجنون” يتفنن في اصطياد الكلاب و تعذيبها.من كان يجرؤ على عصيانه او ابداء عدم رضاه عن ذلك ، لو اي منهم فعل فلربما كان ربطه مكان الكلب.
اما صاحبنا فلم يكن يروق له ذلك و كثيرا ما تغيب عن خرجات اصطياد الكلاب.
-اني اتذكر جيدا ذلك اليوم.قال الحمريطي.
واضاف:لم يستعصي علينا -انا و بيكيا-اي كلب .سوى واحد لم نتمكن منه رغم كل المصائد التي نصبت له و الكمائن.حتى اقترح علينا ذات يوم “حاراطا”فكرة لم تخطر لأي منا.كان “حراطا” “مخ”!
-ما رأيكم لو نجلب كلبة و نستدرجه بها.
-اوتظن اننا لم نفعل ذلك.
-لكن ليس كما كنتم تفعلون.عقب “حاراطا”.
-!!!؟؟.
-؟؟؟.
… الافضل-ربما- لو نعمل له “طلامس”(يقصد طلاسم) حدث نفسه العكروتي.لكنه لم يتمالك نفسه و انفجر ضاحكا حتى تطاير بصاقه في كل اتجاه.
ساد صمت يحتويه فضول كبير.
ماذا اذا.قال واحد منهم.
-نجلب كلبة ثم نقوم بتجميلها باصباغ كما تفعل النسوة ونزينها بما توفر لنا …وسترون كيف يقع في المصيدة.
كانت فكرة “حاراطا”صائبة وتم استدراج الكلب الحذر العنيد ووقع المسكين.
ومن يومها و الكلاب تقع في المصيدة.
-حقا كما قلت يا الحمريطي حتى الكلاب.نعم حتى الكلاب .
عبدالرحمان صديقي.الجزائر
Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC هو مؤسسة تعليمية متخصصة تهدف إلى توفير برامج تدريبية متميزة تساهم في تطوير المهارات وتعزيز فرص العمل للمشاركين. يعمل المركز بالتعاون مع #الشبكةالأهليةللتعليم NEN، وهو…

هل الطلاق حل بقلم الكاتبة اللبنانية ملفينا ابومراد

هل الطلاق حل؟ لا يحدث الطلاق إلا بعد الزواج. للطلاق أسباب متعددة، ورغم قوة المرأة ، فإن الرجل يُعَّدُ لها سندًا كما هي له، حيث يتكامل دورهما في الحياة. لا…

اترك تعليقاً

مختصرات

يالله ببقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

  • مايو 9, 2025
  • 36 views
يالله ببقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

ياقدس بك مركعي للشاعرة اللبنانية ملفينا ابومراد

  • مايو 9, 2025
  • 39 views
ياقدس بك مركعي  للشاعرة اللبنانية ملفينا ابومراد

في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

  • مايو 7, 2025
  • 69 views
في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

  • مايو 4, 2025
  • 99 views
إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

  • مايو 3, 2025
  • 88 views
احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

  • مايو 1, 2025
  • 96 views
مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني