الصورة بقلم سمير الزيات

الصُّورَة
ــــــــ
عَادَتْ تُجَدِّدُ فِي نَفْسِي أَمَانِيهَا
تَرُدُّ ظَنِّي وَأَوْهَاماً أُعَانِيهَا
رَنَتْ إِلَيَّ ، وَكَادَتْ أَنْ تُعَانِقَنِي
لَوْلا ابْتِلائِي بِنَارٍ خِفْتُ تُؤْذِيهَا
تَبَسَّمَتْ ، تَأْخُذُ النَّفْسَ ابْتِسَامَتُهَا
وَالْقَلْبَ أَخْذاً ، وَلاَ شَيءٌ يُحَاكِيهَا
وَقَفْتُ أَنْظُرُ – مِنْ بُعْدٍ – عُذُوبَتَهَا
أَحُثُّ قَلْبِيَ أَنْ يَشْـدُو أَغَانِيهَا
إِذَا الْفُؤَادُ وَقَدْ طَابَ الْبُكَاءُ لَـهُ
يَضِجُّ شَوْقاً ، وَفِي حُزْنٍ يُنَاجِيهَا
فَصَارَ – مِنْ وَجْدِهِ – يَصْبُو لِرُؤْيَتِهَا
وصَارَ – مِنْ شَوْقِهِ – لِلْحُبِّ يَبْكِيهَا
مَاذَا أَقُولُ لأَوْهَامٍ تُعَانِدُنِي ؟
بِالنَّفْسِ تَلْهُو وَتُفْضِي سِرَّهَا فِيهَا
تُحِيطُنِي بِهُمُومٍ لَسْتُ أَفْهَمُهَا
أَحْتَارُ فِيهَا ، وَلاَ أَدْرِي مَعَانِيهَا
مَاذَا أَقُولُ؟ وَقَدْ أَحْسَسْتُ مِنْ أَلَمِي
أَنِّي شَـقِيٌّ بِأَوْهَـامٍ أُدَارِيهَا
وَصَارَ حِسِّي بِمَا أُبْدِي يُطَاوِعُنِي
مِثْلُ الْقَصِيدَةِ لَوْ أَبْكِي أُغَنِّيهَا
***
ظَنَنْتُهَا أَنَّهَا هَمَّتْ تُلاطِفُنِي
كَأَنَّهَا سَمِعَـتْ أَنِّي أُنَادِيـهَا
مَدَّتْ إِلَيَّ ذِرَاعَيْـهَا تُرَاقِصُنِي
تُذِيبُ صَمْتِي وَتَشْدُو مِنْ أَغانِيـهَا
ضَمَّتْ إِلَى صَدْرِهَا صَدْرِي وَمَا عَلِمَتْ
أَنَّ الْفُـؤَادَ بِهِ نَارٌ سَتَكْوِيهَا
رَقَصَتْ رَقْصَ الَّذِي يَقْضِي نِهَايَتَهُ
فِي رَقْصِهِ نَشْـوَةٌ تَبْـدُو لِرَائِيـهَا
لَكِنَّهَا نَشْوَةُ الْمَذْبُوحِ منْ أَلـَمٍ
وَعَنْ عُيُونِ الْوَرَى تَخْفَى مَعَانِيهَا
فَكُنْتُ مِنْ لَهْفَتِي حِيناً أُرَاقِصُهَا
لَحْنَ الْغَرَامِ وَحِيناً كُنْتُ أسْقِيهَا
حَتَّى أَطَلَّتْ عُيُونُ الْفَجْرِ تَرْصُدُنَا
وَالشَّمْسُ فِي وَكْرِهَا هَمَّتْ تُحَاكِيهَا
فَقُلْتُ لِلْفَجْرِ ، أَمْسِكْ إِنَّنِي فَزِعٌ
إِذَا بَزَغْتَ سَتُفْنِينِي وَتُفْنِيهَا
***
أَفَقْتُ مِنْ نَشْوَتِي عَنْ صُورَةٍ بِيَدِي
قَدْ كِدْتُ أَنْ أَفْتَرِي جُرْماً فَأُلْقِيهَا
فَهَذِهِ صُورَةٌ ظَلَّتْ مَعَالِمُهَا
عَبْرَ السِّنِينِ ، وَلَمْ أَنْسَ الْهَوَى فِيهَا
عَاشَتْ وَظَلَّ الْفُؤَادُ الصَّبُّ يَحْفَظُهَا
يُبْقِي عَلَيْهَا ، وَكَادَ الدَّهْرُ يُبْلِيهَا
لَوْلاَ احْتِفَاظِي بِهَا فِي الْقَلْبِ مَا بَقِيَتْ
لَوْلاَ الْوَفَاءُ لَهَا مَا كُنْتُ أُبْقِيهَا
***
احْتَرْتُ فِيهَا ، فَلَمْ أَعْرِفْ حَقِيقَتَها
أَصُورَةٌ بَقِيَتْ للنَّفْسِ تشْقِيهَا ؟
أَمْ أَنَّهَا جَسَدٌ بِالْكَفِّ أَلْمِسُهُ
أَمْ ذِكْرَيَاتٌ أَتَتْ تَشْدُو بِمَاضِيهَا
أَمْ أَنَّهُ الْحُبُّ فِي قَلْبِي يُذَكِّرُنِي
كَأَنَّمَا الْحُبَّ حرفٌ مِنْ أَسَامِيهَا
***
يَا مَنْ وَجَدْتُكِ فِي ذِهْنِي وَفِي خَلَدِي
أَنْتِ الْحَيَاةُ وقد راقت أَغَانِيهَا
فَأَنْتِ دُنْيَا مَعَ الأَوْهَامِ أَعْشَقُهَا
بَلْ أَنْتِ أَغْلَى مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
فَكَمْ غَفَوْتُ عَلَى مَاضٍ يُرَاوِدُنِي
وَكَمْ صَحَوْتُ عَلَى ذِكْرَى سَأُحْييهَا
وَكَمْ حَلمْتُ بِأَحْلامٍ تُؤَرِّقُنِي
وَكَمْ سَعِدتُ بِأَوْهَامٍ أُعَانِيهَا
وَكَمْ ظَمِئْتُ لأَمْوَاهِ الْهَوَى ظَمَأً
وَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنِّي لَسْتُ آَتِيهَا
وَفِي دِنَانِكِ خَمْرٌ كُنْتُ أَعْصِرُهُ
وَفِي يَدَيْكِ كُؤُوسٌ كُنْتُ شَارِيهَا
فَلَمْ أَجِدْ مِنْكِ غَيْرَ الْوَجْدِ يَعْصِرُنِي
وَذِكْرَيَاتٍ بِطَيِّ النَّفْسِ أخْفِيهَا
إِلَى مَتَى أَحْسِبُ الأَيَّامِ مُنْتَظِراً ؟
عُودِي إِلَيَّ فَإِنِّي لَسْتُ أحْصِيهَا
إِلَى مَتَى وَعُيُونُ الْفَجْرِ تَرْقُبُنِي ؟
وَدَمْعُ قَلْبِي هَتُونٌ فِي مَآَقِيهَا
عُودِي إِلَيَّ ، فَقَدْ أَوْشَكْتُ مِنْ أَلَمِي
أَنْ أَسْتَكِينَ إِلَى أَنْيَابِهِ تِيهَا
***
الشاعر سمير الزيات

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

قلبٌ حالم في زمن صعب بقلم يسار الحبيب

قلبٌ حالمٌ… في زمنٍ صَعْب! لم تكن معرفتي بأدباء وباحثي محافظة الحسكة ومدنها قبيل عام 1998م إلا من صفحات الكتب أو المجلات، يومئذٍ كنت أتمتم حروفي الأولى، في تجربة شعرية…

إلى رسول الله

بَانَتْ سُعَادُ فَأَشْرَقَتْ فِي الْقَلْبِ بُشْرَىوَمَا لِعُيُونِي بَعْدَهَا الصَّبْرُ أَوْ قَدْرَارَسُولُ الْهُدَى، بَحْرُ الْجَمَالِ وَرَحْمَةٌفَجَاءَتْ بِمَوْلُودٍ أَضَاءَ الدُّجَى نُورَاهُوَ الْبَدْرُ، لَكِنْ لَيْسَ يَأْفُلُ ضَوْءُهُوَلَا يَحْجُبُ الْغَيْمُ الْمُنِيرَ لَهُ سِتْرَا بِمَوْلِدِهِ…

اترك تعليقاً