الذاكرة المتجسدة بقلم الكاتبة اللبنانية ملفينا ابومراد

الذاكرة المتجسدة
سؤال سيطرح : كيف تتجسد الذاكرة ؟؟
الذاكرة قائمة في فكر الانسان الحي ، فهي كما العالق في ليال الغياب ، تتعلق و ترقد فيها المعلومات و الصور و المواقف، تمتد في الزمان و المكان اضافة الى الحالة النفسية حينها ، و التي تعود بنسبة اقل مع التذكر ، مؤثرة فيها تأثير قويا ، كحالة الولادة ، الموت ، الزواج ، النجاح ، الفشل …

تتجلى الذاكرة في عمليات عصبية معقدة داخل الدماغ، حيث يتم تخزين المعلومات واسترجاعها. تشمل هذه العمليات تكوين مسارات عصبية جديدة، وتقوية الروابط بين الخلايا العصبية، وتحويل المعلومات إلى صيغ قابلة للتخزين .(غوغل )

من نتذكره (أ) ، قد يكون رحل بالموت ، بالهجر ، بالتهجير ، بخلاف لا صلح فيه ، لكنه لا يموت من الذاكرة ، عندما نتذكره او نتذكر مواقفه كاننا نراها بعين العقل متجسدة امامنا ، او عندما نكتب او نخبر عن امر ما ، تعود ذاكرتنا الى ما قد حدث معه من مواقف ، لذاك دعوت الموضوع : بالذاكرة المتجسدة .

حبيب او زوج (ة) رحيل بالموت ؛ بالفكر!!! لا يموت ، يبقى باولاده الذين يشبهونه ان بالشكل او بالحركة ، و ان بالتصرف حتى بفئة الدم ، يتوارثون جيناته بالامتداد البيولوجي ، قد لا تظهر ، انما مع الوقت تُنقل الى احفاده كم تظهر فيهم حتى خصاله . من يرى احد منهم يدرك ان هذا ابن فلان و اوحفيد فلان او فلانة ، الجينات لا تكون ذكورية فقط من ناحية الاب او الجد او جد الجد ، قد تكون من الام او الجدة … سؤال هل الروح تتجدد في جسد اخر بما يشبه التقمص ؟

ان كانت الذاكرة تحاول نسيان ؛ الم ام فرح ، اذ به يحضر دون سابق انذار ؛ لكن الذاكرة المتجسدة نقيضها ، تحارب النسيان بتجسيد من رحل ، بالشبه في وجوههم ، نظرتهم ، بسمتهم ، تصرفهم ، مهما غلب التطبيع فيهم ، طبعهم لا يضمحل ، الذاكرة المتجسدة متحدية .
الغياب لا يمحي ما كان موجودا ، عند اي بادرة يتجسد بالفكر ، فكيف في حالة الوحدة ، فورا ينتقل الفكر الى من كان الوجود ، مِن مَن كانت معه و به حياة ، ان كان انساناً جيد اً، او شخصية معكوسة ، حتى بالمشاكل بين الزوجين ، يعود الغائب او المنتقل الى رحمة ربه بالفكر .

آ هو الحنين ، من كان غضوبا لا سلام بالعيش معه ، عندما يعود اليه الفكر ؛ ليس حنيناً ، حتى شعور الغضب منه و مِن معاملته السيئة تكون مجرد ذكرى دون انفاعلات ، كما مع الراحل الطيب .

الذاكرة تنكُر ، تتجسد ، تراوغ ، تسكُن عقولنا ، الذاكرة ككتاب ، الفرق نحن نتصفح الكتاب ، اما الذاكرة تؤرشف محتواها ، ثم تفتح عندما هي تشاء ، من نظرة ، من كلمة ، من قرأة عبارة ، بعد ما تتصفح نفسها في عقولنا ، تنكر ما اوردته ، تعود افكارنا عادية ، اما ما تركته من أثار تجعل قلوبنا متأثرة لفترة ، ثم يعودها النسيان .
النسيان لا يمحو ، انما يخمد ، لوقت اخر ، لعرض اخر ، سينما داخل عقولنا …

ملفينا توفيق ابومراد
عضو اتحاد الكتاب اللبنانين
14/7/2025
المرجع : جزء بسيط من غوغل

Related Posts

أجنحة منكسرة للشاعرة المغربية خنساء ماجدي

أجنحة منكسرة. لا تسألوني لماذا أغيبقد أشرد في ملكوت اللهأغرق في دوامة الحيرةوأتيه في صحاري الإحباط.أضيع من حر الشكوىولا تسقيني بنات البحر.هذا العالم لا يسعني …ولا يسع الهاربين من جزره…

وحدتي بألف خير بقلم الشاعرة المغربية خديجة بلغنامي

‎وحدتي بألف خير ‎وحدتي بخير…وأنا بألف خيربأحضانها أكون أنا بكل المقاييس‎كلما اختليتُ ارتقيت أكثر… أتامل الازدحام وهو يتساقط من أنامل الفراغ‎ …أشتهي وحدتي ويشتهيني فنجان قهوتي فأسُدُّ الباب في وجهِ…

اترك تعليقاً