اشتهيك اكثر من الكلام

عيناكِ سحرٌ، وموجٌ في مرافئهِ
يروي اشتياقي، ويُغرقني بالسهرِ
وجهي إذا لاح دفءُ النورِ في خدِّكِ
ألقى الضياءَ، وذابَ الحزنُ في البصرِ
أنفاسكِ العطرُ، تمشي فيّ مرتجلةً
كاللحنِ يمضي، فيوقظُ رعشةَ الوترِ
في حضنكِ الآنَ أوطانٌ بلا خَرَسٍ
تُزهرُ، تُثمرُ، في وهجٍ من الشّررِ
قلبُكِ مرآةُ هذا الكونِ، ما انكسرتْ
إلا لتمنحني أسرارَ من سَحرِ
لا تسألي عن جراحي، أنتِ تبرئها
كأنّ حبكِ فوقَ الطبِّ والقدرِ
صوتُكِ موسيقى الأرواحِ، خافيةٌ
ترتيلُها طاهرٌ، كالوردِ في المطرِ
كلُّ الحروفِ التي ألقاكِ تنطفئُ
إذ في حضوركِ تُفني نفسها البشرِ
وإذا ابتسمتِ، شراييني تُصفقُ لي
ويولدُ الفجرُ من عينيكِ في الظفرِ
أحببتُ فيكِ جنونَ الريحِ، ثائرةً
تغزو دمي، وتُقيّدني بلا حذرِ
ووجدتُ فيكِ قصيدًا ما له لغةٌ
تُروى، وتكتبُ، من أسرارِها القمرِ
عيناكِ ليستا مرآتينِ، بل وطنٌ
يُخفي الجمالَ، ويُخفي فيهما الخطرِ
شفاهُكِ النارُ، إن لامستْ مواجعي
سالتْ دموعي على أهدابِكِ الزهرِ
وإذا نطقتِ، سكنتِ الكونَ في لحظةٍ
وصارَ صمتُكِ أعتى من دويِّ الذكرِ
أنتِ الحكايةُ في تاريخِ ذاكرتي
تُروى على لهفةِ الأشواقِ والسفرِ
أنتِ البعيدةُ، لكنّي إذا رأَكِ
أحيا، كأنّكِ فوقَ الحلمِ والبشرِ
أنتِ البدايةُ، والإيحاءُ في شفتي
ونشيدُ حبٍّ يَضوعُ السحرُ في السطرِ
يا قُبلةً سكبتْ نُورًا على فَمي
وجعلتِني فيكِ أمضي دونَ أيِّ أمرِ
كفّاكِ ضوءٌ، ودفءٌ لا يُقاسُ بهِ
دفءُ الحياةِ، وصدقُ القلبِ في الأثرِ
والحبُّ فيكِ جنونٌ لا أُفسِّرهُ
يمشي بأضلُعيَ الظمأى إلى الخطرِ
أنتِ المدى، والندى، والضوءُ، والسكَنُ
وأنتِ نارٌ من الأشواقِ تستعرِ
فيكِ الرؤى تتجلّى حين أذكُرُكِ
ويكتبُ العاشقُ المسحورُ في القدرِ
يا زهرةَ الروحِ، يا وعدًا يراودني
منذُ الطفولةِ، بل من قبلِ أن أدرِي
كأنّكِ الصوتُ إن نادتْ مشاعِرُنا
تُصغي القلوبُ، وتبكي في مدى النظرِ
أشتاقُ فيكِ مسافاتٍ بلا أمدٍ
وفي هواكِ تُبدَّدْ مهجتي حجَرِي
وتصيرُ أيّامي الهامِدةُ فرَحًا
إن جئتِ يومًا تُزيلينَ الأسى المرِّ
أنتِ الحقيقةُ في أوهامِ ذاكرَتي
ومثلما السِّرِّ، لا يُروى ولا يُدرى
فلتسكبي من دُماكِ العطرَ ثانيةً
علّي أُعيدُ فصولَ العشقِ بالزهرِ
ولتجعلي من حنيني ضوءَ أسطُرِهِ
قصائدًا في هواكِ الماجدِ النّضِرِ
ما عدتُ أملكُ إلا الشوقَ يحملني
نحوَ العيونِ، ويكفيني من العُذرِ
كأنّ عطرَكِ في أنفاسيَ ارتحلَتْ
به ذكرياتي، وأحلامي، مع السَّحرِ
في صوتكِ الآن ألحانٌ أُسافرُها
تشدو بعيني وتهمي مطرَ الوترِ
أهيمُ فيكِ، ولا أرضٌ تُقلُّني
كأنني الطيفُ في أنسامِكِ العَطِرِ
أنتِ التي علّمتْني كيفَ أنسُجُني
من صمتِ موتي، ومن تنهيدةِ العُمرِ
كم خيمةٍ من حنيني نَصبتُ لها
وأنتِ في داخلي تُغري بلا حذرِ
وكم نداءٍ تنامى من مواجعي
وكانَ في نبضكِ المسكونِ بالوَترِ
رأيتُ فيكِ ابتداءَ الكونِ مُغْتسِلًا
بدمعةِ الحبِّ، لا تشكو من الكدرِ
رأيتُ فيكِ ارتعاشَ اللحنِ مُنطفئًا
إذا ابتعدتِ، فمن يُحيي مدى السَّهرِ
عيناكِ آهٍ هما مرآةُ دهشتي
وفيهما يَغرقُ المجهولُ والخَبرِ
تسيرُ في الروحِ كالأنفاسِ ناصعةً
وتسكُبُ الدفءَ في أيّامي القَفرِ
أحبكِ الآن… لا قيدٌ يُحدّدُني
ولا زمانٌ يُعيدُ الدربَ للغيَرِ
كأنني بعدَ هذا العمرِ مولدُهُ
إذا تنفّستِ من نبضي ومن قَدَري
يا طيفَ عيني، إذا نامَتْ تأوُّهُها
يبقى هواكِ على الأهدابِ كالسِّحرِ
أنا الذي كلّما ناديتُهُ صمتًا
رأى حنينَكِ يشدو فوقَ مستترِ
أحبكِ الآن، لا وعدٌ يُفسِّرُني
ولا اعتذارٌ إذا أُغويْتُ بالمطرِ
بسام

  • المحرر الصحفي: بسام أحمد العبدالله

    المحرر الصحفي: بسام أحمد العبدالله

    بسام العبدالله بن احمد حاصل على الاجازة في كلية التربية قسم معلم صف ودبلوم تأهيل التربوي من جامعة دمشق لديه العديد من القصائد وحاصل على العديد من بطاقات الشرف والتقدير من العديد من المجلات العربيه وحاصل على جائزة جمعية الرواق الثقافية

    Related Posts

    على متن القطارات

    بسام العبدالله قطارُ العمرِ مضى، والضوءُ في أفقٍيُلوّحُ الودعَ.. والأرواحُ في شُرُفِ مررْتُ بالبصرةِ الأولى.. فكم وجَعٍعلى الأرصفةِ الذكرى بلا طَرَفِ وفي الموصلِ الغنّى، تهاوى نخلُهاكأنّهُ الحلمُ قد طارَ من…

    احتفاء باليوم الوطني للفنان ، نظم قطاع لولاية جيجل فعاليات عديدة تحتفي بالفنانين و المثقفين في مختلف دروب الابداعبداية الاحتفالات كانت بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية حيث نظمت أصبوحة فكرية أثثها…

    اترك تعليقاً