مقال هُنَاك الْبَعْض ~ بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت


 

 

الْحَبّ المعنوى /
هُنَاك الْبَعْض ، اللَّذَيْن يَقُولُون ويستحلفون ، إِنَّك الْحَبّ الْوَحِيد ، تَرَى مِنْ نَحْنُ ؟ ! لنصدق .

وَتَرَى ، مَنْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ؟ ! لَيَقُولُ ذَلِكَ ، مالدافع لنبرة الْكَلِمَات ، وماالدافع وَرَاء الشُّعُور بِالْإِحْسَاس ، وماالمشكلة الَّتِى تعاركت بِك ؟ ! لتجعل الفَتَاة تَسَلَّم لِهَذَا الرَّجُلِ ، اويجعل الرَّجُلِ يُسَلِّمُ لِهَذِه الفَتَاة ، مَاذَا ؟ ! نَسْتَطِيعُ أَنْ نَقُولَ .

وَمَاذَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَصْنَعَ ؟ ! إمَام مشاكلنا و إمَامُ هَذَا الْحَبِّ ، وَإِمَام حَيَاتِنَا ، ومادور الْحَبّ فِى حَيَاتِنَا ؟ ! هَلْ يُؤَثِّرُ الْحَبّ عَلَى حَيَاتِنَا العائلية ، المهنية أَو الدِّرَاسِيَّة ، أَو الْفِكْرِيَّة .

هَل الْحَبّ دَافِعٌ ؟ ! لِتَقَدُّم أَو دَافِعٌ لِلتَّأَخُّر ، يَصْنَع مِنْك شَخْصًا جَدِيد ، أَوْ يَصْنَعُ شَخْصًا مُحَطِّم ، مَاذَا سَيَقْدَم لَك الْحَبّ ؟ ! وَمَاذَا سيأخذ مِنْك ؟ ! هَلْ أَنْتَ جَاهِزٌ لِهَذَا الْحَبُّ أَمْ مُشَوَّشٌ ؟ !

البِيئَة الَّتِى تتعايش بِهَا ، هَل بِهَا ؟ ! مساحات عَقْلِيَّةٌ تستعوب فَكَرِه الْحَبّ ، الْفِكْر العائلى والثقافات الَّتِى تربيت عَلَيْهَا خَلِيلِه الْأَجْدَاد ، مُعَرِّفٌ بِهَا هَذَا الْحَبِّ .

عَنْ أَىِّ حُبّ نَتَحَدَّث ؟ ! كُلّ عَائِلَة وَمُنَاخ بيئى لَهُ مُسَمًّى ومساحة مِنْ الْحَبِّ ، وَدَائِمًا لَا تَكْتَمِل إِلاَّ فِى أَطار الشَّرْع ، وَهَذَا مَلْمُوسٌ فِى الْمُجْتَمَع الشرقى الْوَاقِعِيّ ، بيعدا عَن الْأَحْلَام الزائفة وَكَلَام الرِّوَايَات .

الْحَبّ الَّذِى يُؤْمِنُ بِهِ فِيهِ الْأُدَبَاء ، وَهُوَ حَبُّ مَسْمُوحٌ بِكُلّ أَفْعَالِه ، طَالَمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ نِطَاقِ فَكَرِه الْخَيَال ، أَو نِطَاق فَكَرِه احْتِرَام الثَّقَافَات ، أَبَدًا لَنْ يَكُونَ الْحَبُّ مَسْخًا ، أَوْ ظَاهِرُهُ ، هُوَ مَوْجُودٌ وَلَكِن ؟ مُخْتَلَفٌ فِى كُلِّ الطَّبَقَات وَالْعُقُول ، وَالْأَفْكَار ، وَالْعَادَات والتقاليد وَأَيْضًا هُوَ لَهُ مُسَمًّى عَظِيمٌ وَمُخْتَلَفٌ فِى الْأَدْيَان .

الْحَبّ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ الْمَشَاعِر ، وَنَحْن بِطَبِيعَة الْبَشَرِيَّة مستهلكين ، لِأَنْفُسِنَا أَو لِلْأَشْيَاء اولشخوص بِنَفْسِهَا .

الْعَمَل يُسْتَهْلَك أَبْدَانِنَا ، وَالْفِكْر وَالْعِلْم يُسْتَهْلَك عُقُولِنَا ، وَالْحَبّ يُسْتَهْلَك مَشَاعِرِنَا .

وَهَذِه الْمَشَاعِر متبعثرة بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْفِكْر وَالْعِلْم وَالْحَبّ .

مَاذَا سَيَكُون حَالُ الْإِنْسَانِ ، بِلَا حُبٍّ ؟ !

الْإِنْسَان عَادَة مُتَكَرِّرَة ، يَتَكَرَّر الْإِنْسَان كَا مَخْلُوقٌ ، وَيَتَكَرَّر فِى الْفِطْرَة وَيُكَرِّر هُوَ نَفْسُهُ ، تِلْك الْعَادَات ، إذْ أَحَبُّ مَرَّة ، وَاسْتُهْلِكَت مَشَاعِرُه بِقُوَّة ، واخفق فِى هَذَا الْحَبِّ ، بَحْثٌ عَنْ الْحُبِّ ، فِى أَىّ صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ ، الْمُضَادَّة لِهَذَا الْحَبّ .

وَكَذَلِك التعود فِى كُلِّ الْأَشْيَاءِ ، التعود عَلَى التَّفْكِير ، التعود عَلَى الصَّلَاةِ ، التعود عَلَى الْمُذَاكَرَة أَوْ الْقِرَاءَةِ ، التعود عَلَى الِاهْتِمَامِ ، التعود عَلَى السمات السَّيِّئَةِ أَوْ الْكَرِيهَة .

الْإِنْسَان يَتْبَع الْعَادَة ، وَيُمَثِّل الْآخَرِين فِى أَفْعَالِهِم مِنْ الْمِيرَاثِ البيئى ، أَوْ التَّقْلِيدِ لِبَعْض الثَّقَافَات .

إنَّمَا هَل الْحَبّ اتِّبَاع ثَقَافَةٌ ، لَلْأَسَف الْحَبّ لايتبع الثَّقَافَة ، لِأَنَّه دَائِمًا مُرْتَبِطٌ بالميول العاطفى ، أَو بِالْفِكْر ، أَو بِحُبّ الْجَسَدِ أَوْ حَبٍّ اسْتِمَاع الأصْوَاتِ أَوِ حَبٍّ الرُّؤْيَةِ أَوْ أَثَارَةٍ الشَّهْوَةُ أَوْ حَبٍّ الِاسْتِمْتَاع لِمُجَرَّد الِاسْتِمْتَاع ، أَوْ حَبٍّ الِانْتِقَام ، أَوْ حَبٍّ الْقَتْل ، أَوْ حَبٍّ الثَّأْر ، أَوْ حَبٍّ الْفَسَادِ أَوْ حَبٍّ الرِّشْوَة أَوْ حَبٍّ الِاسْتِقَامَةِ أَوْ حَبٍّ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ مُعَذَّبٌ الْمَرْأَة . . . إلَخ

نَحْن نَتَحَدَّث عَنْ الْحُبِّ لِكُلّ الْأَشْيَاء وَالْمُفْرَدَات ، لِأَنَّ كَلِمَةَ الْحَبّ ، هِى كَلِمَة تَحَرَّك الْمَشَاعِر وَالْأَبْدَان ، تَدْفَع الْجَسَد للانفعال ، وَرَد الْفِعْلِ مِنْهُ ، وَهُنَا نَرَى الْآخَرِين لَلْأَسَف يَتَحَمَّلُون عَوَاقِب ، هَذَا الْحَبِّ .

عَوَاقِب أَسَرِيَّة ، نَتِيجَة هَذَا الْحَبِّ ، عَوَاقِب مجتمعية ، عَوَاقِب قبائلية ، عَوَاقِب شَرْقِيَّة ، حَتَّى عَوَاقِب الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْبُلْدَان وَاخْتِلَاف الْأَدْيَان .

الْحَبّ لَيْس كَلِمَة بَسِيطِه ، إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا امْتِدَاد عَمِيق وممتدد ، إلَى الأَجْيَالُ القَادِمَةُ ، تَرِث الْجَهْل المفعم بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ الْحَقِيقِيَّة لِمَعْنًى الْحَبّ ، وَعَدَم الْإِدْرَاك لِتَأْثِيرِه عَلَى فئات مِنْ الْعَمَلِ الروتينى مَثَلًا الَّذِى يَكُونَ لَهُ نَاتِجٌ هَذَا الْحَبِّ ، هُو الشَّتَات لركيزة الدَّوْلَة ، وَتَأَخَّر بَعْضُ الأَعْمَالِ الْهَامَة لِأَفْرَاد الْمُجْتَمَع .

الْحَبّ الغرائزى الاجتماعى /

وَهُوَ الْحَبُّ الَّذِى ينشاء بَيْنَ الْجِيرَانِ فِى أَطار عِلاقَة ، بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ ، أَوْ بَيْنَ الفَتَاة وَالْفَتَى ، أَوْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَاوِيَة ، أَوْ بَيْنَ رَجُلًا مُسِنٌّ وَامْرَأَةٌ .

الْعَلَاقَة الْمَفْتُوحَة بِلَا حَذَّر هِى مُرْصَدٌ الأَخْطَاء ، الَّتِى نَعُود وَنَقُول ، أَنَّ هُنَاكَ خَطَّاءٌ مَا ، كَانَ لَهُ تَوَخَّى الْحَذَرِ مِنْهُ ،

مَا الَّذِى يَجْعَل رَجُلًا يُحِبُّ رَجُلًا ، إلَّا إذْ كَانَتْ هُنَاكَ الْمَصَالِح الْمُتَحَارِبَة الْمُشْتَرَكَة ، الْمَرْأَةِ أَيْضًا تُحِبّ أَمْثَالِهَا لِذَلِك الهَدَف ، هُنَاك رَجُلًا مُسِنٌّ مَثَلًا ، تُحِبُّه فَتَاة صَغِيرَة ، هُنَاك حَقِيقَة عَلَيْنَا الِاعْتِرَافُ بِهَا ، رُبَّمَا نؤيدها ، وَنَقُول هَذَا الْأَفْضَلُ لَهَا ، وَرُبَّمَا لَا تؤيدها شرائح الْمُجْتَمَع ، وَتَقُولُ هَذَا لَا يُعْقَلُ ، إنَّمَا الْحَقِيقَةِ لَا تُدْرِكُهَا إلَّا الفَتَاة ، وَالرَّجُل الْمُسِنّ .

بَعْض العَلاَقَات ، فِى نَمَط لوحتها الِاخْتِلَاف ، إنَّمَا إذ تُحَدِّثُنَا بِالْوَاقِع وَالْمَنْطِق وَالْبَرَاهِين ، سَيَكُون هَذَا الْفِعْلُ الصَّحِيح بِالضَّبْط أَوْ خِلَافُ ذَلِكَ .

الصَّحِيحُ الثَّابِتُ ، اخْتَلَّت بِه الْمَوَازِين ، اخْتِلَاف الْأَفْكَار والثقافات ، وَالرَّغَبَات ، والطموح ، والعداء وَالْحَبّ ، كُلُّ ذَلِكَ صَارَ بِلاَ مَعْنىً إمَام فَكَرِه الْحَبّ .

هَذَا الرَّجُلُ يُحِبُّ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، وَمَن الْمُمْكِن يُحِبّ أُخْرَى وَأُخْرَى .

لِمَاذَا تَرْضَى الْمَرْأَةُ ، أَنْ تَكُونَ حَبِيبَة ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةً لراجل وَاحِد ، الْمُشْكِلَة لَيْسَتْ فِى اخْتِلَاف الثَّقَافَات ، إنَّمَا الْمُشْكِلَة هِى ، فِى الْجَهْل بِمَعْنَى كَلِمَة الْحَبّ ، أَو التَّهْوِين لِذَات ، أَوْ اعْتِبَارُ كَلِمَة الْحَبّ دَافِعٌ لِتَجْدِيد الْحَيَاة الكئيبة ، وَإِعْطَائِهَا لَوْنًا جَدِيدًا مِنْ الْبَهْجَةِ وَالْمَرَح ، وَالْحَيَاة الْعَمَلِيَّة والسريعة والروتين الْمُقَيَّد فِى هَذِهِ الْحَيَاةَ السَّرِيعَة ، وَالْقُيُود الأسرية والاصفاد العائلية ، جَعَلْت الْمَرْأَةَ تَأَنَّس الْحَبّ ، وَلَا تَرْضَى مُفَارَقَتُه لِأَنَّه يُعْطِيهَا إحْسَاس وَاحِدٍ فِى الْمِائَة ، مِنْ حُقُوقِهَا كَأُنْثَى ، مَعَ أَنَّهَا لَن تَصِلُ إلَى الْأَمَانُ أَبَدًا ، مَعَ هَذَا الْحَبِّ إلَى شَاطِئ الِاسْتِقْرَار .

الْحَبّ دَائِمًا مُشْكِلَةٌ مُؤْلِمَة ، حَتَّى إذْ كَانَ بَيْنَ الأَبْنَاءِ وَالْأَزْوَاج وَحُبّ الْأَشْيَاء الْمَعْنَوِيَّة والمادية .

كُلَّ أَنْواعِ الْحُبِّ لَا تَفَضَّى إلَّا لِلْهَلَاك .

مِنْ هُنَا نَتَمَنَّى إلَّا يحرمنا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْ حَبِّهِ الابدى ، وَنَرَى فِى عِبَادَتِه حُبّ الْيَقِين وَالْعِبَادَة وَالْإِيمَان ، فَإِنَّ الْحَيَاةَ ، مَهْمَا كَانَتْ طَوِيلَةً وَبِهَا الْكَثِيرِ مِنْ الطموحات وَاخْتِلَاف الرَّغَبَات والمعانى ، فَلَيْسَ لَنَا إِلا النَّقَاءُ فِى حُبّ لِعِبَادِه وَالصَّلَاح ، وَالْقُرْبِ مِنْ اللَّهِ .

الْحَبّ رِسَالَة سُوء /

هُنَاك بَعْضِ الرَّسَائِلِ الَّتِى مِنْهَا ، يَقْصِدُون بِهَا التَّوْجِيه ، لِسُوء مَعْنَى كَلِمَةِ الْحَبّ .

هَذَا نَرَاه فِى الماديا وَتِجَارَة المسلسلات والافلام الْقَصِيرَة الْإِبَاحِيَّة ، والمسرحيات فَارِغَة الْمَضْمُون ، وَقَصَص الْإِغْرَاء ، وبرامج التوك شُو ، عَن الحريات وَهَدْم الْأَسْر .

حُبّ الْأَجْرَام والبلطجة ، وَحُبّ الْخِيَانَة ، وَحُبّ الْخَدِيعَة وَالْخِدَاع ، وَسَرِقَة الأَضْوَاء ، حُبّ الْإِغْوَاء ، حُبّ التَّفَاخُر وَالشُّهْرَة الْفَارِغَة ، حُبُّ التَّصَنُّعِ بالطيبة ، حُبّ النَّجَاح عَلَى حِسَابِ الْآخَرِين ، حُبّ الاستِقْطَاب المعنوى ، حُبّ التَّغَلُّب . . . إلَخ

حُبّ الاستِقْطَاب الفكرى ، وَالْغَرَضُ مِنْ تَغَيُّرِ الثَّقَافَات بِفَرْضِيَّة الأيديولوجيا ، تَغَيَّر الْفِكْر بِالْعَقْل البُشْرَى ، عَنْ طَرِيقِ صِنَاعَة محببة ، أَوْ صِنَاعَةً مَحْدُودَةٌ لَا تَسْمَحُ لِلْعَقْل ، أَن يُفَكِّر خَارِج حُدُود هَذَا الْحَيِّز .

اِسْتِغْلال الدِّين فِى التَّوْجِيه /

هُنَاك بَعْض الشُّخُوص ، يَقُومُون باستقطاب الْعُقُول الْبَشَرِيَّة الْمُؤْمِنَة ، لِتَحْقِيق أَغْرَاضِهِم ، تَوَصُّلًا لِكَمَال الْحَبّ وَالْإِيمَان ، وَهَذَا أَشَدُّ أَنْوَاع الاستِقْطَاب بِاسْم الدِّين ، وَمِنْه يَخْرُج جِيل الْإِرْهَاب ، وجيل الْفِكْر الدينى المتطرف .

أَو التَّحَرُّرُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ ، وَخَلْقٌ عنصرا متهمش ، لَا يَحْسِبُهُ الْوُجُودِ مِنْ البشرين ، لبصمة لَهَا إضَافَةٌ لِلْمُجْتَمَع .
.

 

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC هو مؤسسة تعليمية متخصصة تهدف إلى توفير برامج تدريبية متميزة تساهم في تطوير المهارات وتعزيز فرص العمل للمشاركين. يعمل المركز بالتعاون مع #الشبكةالأهليةللتعليم NEN، وهو…

هل الطلاق حل بقلم الكاتبة اللبنانية ملفينا ابومراد

هل الطلاق حل؟ لا يحدث الطلاق إلا بعد الزواج. للطلاق أسباب متعددة، ورغم قوة المرأة ، فإن الرجل يُعَّدُ لها سندًا كما هي له، حيث يتكامل دورهما في الحياة. لا…

اترك تعليقاً