قِصَّةً قَصِيرَةً تَوَقُّفِ الْوُجُودِ بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

قِصَّةً قَصِيرَةً
تَوَقُّفِ الْوُجُودِ
بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

تَوَقُّفِ الْوُجُودِ عَنْ بَثِّ الْأَمَل وَالنَّبْض ، وَاسْتَقَرّ جُثَّة هَامِدَة ، يحتار الطِّبّ الشرعى عَن طَبِيعَة الرَّحِيل ، حَتَّى قَالَ الدكتور “عزب” :

كَانَ الْأَمْرُ طبيعى ، عِنْدَمَا تَنَاوَلَ جُرْعَةً الأَنْسُولين فِى مِيقَات مُحَدَّد ، يَوْمِيًّا بَعْدَ الظَّهِيرَةِ ، إنَّمَا تِلْكَ الْمَرَّةِ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ .

نَظَرٌ الْمُحَقِّق ” قسم” بِتَفَاصِيل الْجُثَّة المسجية بَيْن زُرَّاعٌ الْأَرْض ، قَائِلًا بتريس :

أَسْرُد الْقِصَّة بِرُؤْيَة .

قَال الدكتور ” عزب” :
دَخَل ” جابر” وَطَلَب جُرْعَة كَالْمُعْتَاد ، قُمْت مرفاق حَتَّى الْمَكَان الْمُخْتَصّ ، أَخَذ الجَرَعَة ، لَمْ يَمُرَّ إلَّا قَلِيلٌ حَتَّى اِنْتابَتْه أَعْرَاض غَرِيبَةٌ ، مَات بِأَثَرِهَا .

أشادت كُلُّ الْأَدِلَّةِ بِالْإِيجَاب ، قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى ذَلِك وَالشَّكّ يَدُقّ ناقوص الظَّنّ ، حَتَّى قَالَ الْمُحَقِّقُ ” قسم” :

هَل تَعْتَقِد ؟ ! هُنَاك مَزِيدًا مِنْ حَصَادِ الشَّكّ ؟ !

الطَّبِيب الشرعى , يُفَرِّج زرعاه بلامبالاة :
رُبَّمَا تتجلى الْأَشْيَاء تَحْت الشَّمْس .

قَالَ الْمُحَقِّقُ مُتَفَكِّرًا :
إذَا عَلَيْنَا الْإِسْرَاع بِمَوْعِد الْإِشْرَاق .

دَخَلَ الطَّبِيبُ الشرعى يَلْتَقِط أَنْفَاسَه متهدجا :

لَا مَحَالَةَ ، تَزْدَاد عَدَد الْوَفَيَات ، وَيَزْدَاد الْأَمْر غَرَابَة .

الْمُحَقِّق بِعُنْف :
هُنَاك قِصَّة بِهَذَا الْمَكَانِ ، لَيْسَ مِنْ الطبيعى أَنْ أَذْهَبَ لِابْتِيَاع الْأَدْوِيَة ، بَدَلًا مِنْ الشِّفَاءِ أَنْزَل بحتفى ، هُنَاك تَفَاعُلٌ نَشِط ، عَلَيْنَا كَشْفُه .

الطَّبِيب الشرعى :

كَشْف التَّحْلِيل بَعْدَ أَخْذِ العينات ، يَتَنَاوَل الْمَرِيض الجَرَعَة سَالِمًا ، لَا تَمُرَّ الدَّقَائِق إلَّا وَيَظْهَرُ ذَلِكَ النَّشَاط بِجَسَدِه يَتَفَاعَلُ مَعَ مَادَّةٌ الأَنْسُولين ، يُنْتِج مَادَّةٌ بِدِمَائِه تَأْخُذُه لرحيل .

تَعَجَّب الْمُحَقِّق ” قِسْمٌ ” قَائِلًا بِآسِف :

إذَا هَذِه الصَّيْدَلِيَّة بِهَا لُغْز .

***
وَقَف ” سُمَيْر ” ابْنُ الرَّبِيعِ الْعُمْرَى يَزْدَاد تفقما بِالْأَمْر ، وَيَنْهَى عَنْ بَصِيرَتِه مُسْتَوْحِش الصُّوَر وَعَن مَخِيلَة أَصْعَبُ الْأُمُورِ ، حَتَّى قَالَ بانْفِعال وَأَخِير وَفَاض :
لِمَا أَنْتَ الْمُخْتَار يَا أَبِى ؟ ! وَلِمَاذَا تَتَوَقَّف غَرَابَة حُلُول الْأُمُورَ عِنْدَكَ ؟ !

صُمْت الْأَب رُؤْيَا ، مُتَذَكِّرًا كَلِمَات الْمُحَقِّق ” قسم” :

لَا عَلَيْك أَيُّهَا الدكتور الْعَظِيم ، إنْ كَانَ الْأَمْرُ مِنْكُمْ بِالرَّفْض فَلَا مُسَاءَلَة لَدَيْكُم ، أَعْلَم فَقَطْ إنْ لَا غَيْرُ الدكتور “مرزوق” يَسْتَطِيع كَشْف كُنْهِه الْأَمْر .

تَنَبَّه الدكتور ” مَرْزُوق ” طَبِيب كَشْف الفيروسات والأشعاع الذُّرَى ، قائلاً لِابْنِه الْوَحِيد ” سُمَيْر ” :
اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ حيوى وَيَمَسّ الْبَشَرِيَّة ، وَعِنْدَمَا نَرَى الْبَشَرِيَّة بِنُقْصَان ، يَصْعُب عَلَيْنَا الْمُكُوس مكتوفين الايادى ، خَصَّتَا وَإِنْ كَانَ بِأَيْدِينَا الْحُلُول ، نَظَرٌ ” سُمَيْر ” لِأَبِيه نَظَرِه مُودَعٌ بفاه خَلٌّ مِنْ الْحَدِيثِ . .

تَجَمَّعَت قُوَّة مُحْصَنَة بالأمصال وَالْوِقَايَة بالاقنعة وَالْمَلَابِس الْمُخَصَّصَة لِذَلِك ، وَقَفْتُ أَمَامَ الهَدَف ، وَكَان مُتَّخَذٌ الصَّدَارَة ، الدكتور ” مَرْزُوق ” وَالطَّبِيب الشرعى وَبَعْضًا مِنْ الْقُوَّةِ الْخَاصَّة ، وَتَمَّ الْأَمْرُ بِحَذَر لِأَخْذ عَيَّنَهُ كَانَ مَشْكُوكٌ الظَّنِّ بِهَا ، بَعْد محاولات خَطِيرَةٌ ، كَادَ أَنْ يَفْنَى بِأَثَرِهَا العَدِيدِ مِنَ الضَّحَايَا . .

***
حَدَثًا مصيرى وَنَتِيجَة قَاتَلَه لنسل الْبَشَرِيَّة ، قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْغَامِضَة وَجَلَس يُوَضِّح الْأَمْر :

هَذَا مَا تَمَّ حَصَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ المكتشفة الَّتِى ضَحَّى بِنَفْسِه وتاريخية الطبى الدكتور ” مرزق ” لينول الْأَمْر كَشْف غموضة .

وَاسْتَكْمَل الطَّبِيب :

تواطئ إحْدَى الْعَامِلِينَ الَّذِينَ يُجْلَبُون الْعَقَاقِير وَالْأَدْوِيَة لمخزون الصَّيْدَلِيَّة بِالِاتِّفَاقِ مَعَ دُكْتُور مُبْتَدِئٌ ، حَتَّى وَضَعَ هَذَا الْجِهَازِ الَّذِى يَنْثُر التَّفَاعُلُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُخَصَّصَة لِلْمَرْضَى ، كَانَ هَذَا الْجِهَازِ هُوَ صَاحِبُ الْعَطَاء لِهَذِه الغازات عَديمَة اللَّوْنِ وَالرَّائِحَةِ ، الَّتِى تَتَّحِد مَع الأَنْسُولين الَّذِى يتعطاة الْمَرِيض وتنتج مَادَّةٌ قَاتَلَه تَفْنَى بِعُمَر الْمَرِيض تَوًّا .

كَان الْمُحَقِّق يُتَابِع فِى اهْتِمَام ، حَتَّى تُوقَفَ رُؤْيَا ، قَائِلًا فِى حَزْم :

وَمِنْ ذَلِكَ الْمَجْهُولِ الَّذِى رَسْم وَقَام بحبكة الْمُعْضِلَة .

قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى :

رَجُلًا صَاحِب اجندات وَتَارِيخ لَن يَنْفُض مِنْ الْحُرُوبِ بَيْنَ الشُّعُوبِ أَبَدًا ، وَبَات الْمُجْرِم قَيَّد السُّلْطَة .

قَالَ الْمُحَقِّقُ وَهُوَ يَنْظُرُ لسماء :

هَل قُمْتُم بِالتَّجْهِيز لِدَفْنِ الْمَوْتَى الَّذِينَ تَنَاوَلُوا الجَرَعَة ؟ !

قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى بِأُسْلُوب بَالِغ التَّحَفُّظ :
نَعَم وَنَحْن نتأهب .

اتَّخَذ مَجْمُوعِه الْأَطِبَّاء عُلَمَاء فِى عَلِم الفيروسات والأشعاع الذُّرَى ، طَرِيقًا نَحْو الْمَقَابِر ويسبقهم جُثْمَان الدكتور ” مَرْزُوق ” يُحْمَل نَعْشَه بَعْض الرِّفَاق والمارة ، وَبَعْضًا مِنْ النعوش الْأُخْرَى ، ضَحَايَا الْوَاقِعَة ، نَظَرِه ابْنِه الْوَحِيد نَظَرِه مُودَعٌ ، حِين تَلاَشَى بمثواة الْأَخِير ، إلَّا كَانَ يَنْظُرُ لَهُ الرِّفَاق نَظَرِه وُد وَإِجْلَال وَاحْتِرَام .

عَلَى نَظِيرِ ذَلِكَ ، كَانَ مَجْمُوعُهُ مِنْ الْقُوَّةِ الْخَاصَّة لحماة الوَطَن ، الَّذِين خَلَت أَجْسَادُهُم الْمَرَض ، يَحْمِلُون نَعْشًا بِاتّجاه آخَرَ نَحْوَ الْبَحْرِ ، وَكَان الرِّجَال يَبْكُون مِنْ الْخَوْفِ لَيْسَ تَضَرُّعًا إلَى اللَّهِ ، وَلَم يَخْشَى حَامِلَيْن النَّعْش مِن فِرَاق الرَّاحِل أَو يَبْكُون إجْلَال وَخُشُوعًا لِلْمَوْت ، إنَّمَا كَانَ الْجَمِيعُ يُخْشَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ المشعة للغاز بالنعش ، الَّتِى تتكابل مَع مَادَّةٌ الأَنْسُولين وتفنى بِصَاحِبِهَا .

أَخَذ الْمُحَقِّق نَفْسًا عَمِيق وَنَظَر للكرسي الامامى الَّذِى كَانَ يملأة الطَّبِيب الشرعى بِأَفْكَارِه وَاجْتِهَادِه وَجَدَه ، وَقَال الطَّبِيب بِقُوَّة ذَلِك :

قَذَفَت الْمَادَّة بِعُمْق الْبِحَار ، وَهَدَأَت رَوْحٌ الفَقيد الدكتور ” مرزوق” وَأُقِيم التتويج لَهُ نَظِيرٌ البُطولَة لِلْحِفَاظِ عَلَى أَرْوَاح وَشُعُوب الوَطَن .

قَالَ الْمُحَقِّقُ ” قسم” بَلَغَه الْكِبْرِيَاء والشموخ :

رُبَّمَا نَفْقِد الْكَثِيرِ مِنْ الضحاية أَوْ أَصْحَابَ الوَطَن ، إنَّمَا لَن يَضُرّ الْبُكَاء كَثِيرًا ، طَالَمَا خِلَافُ ذَلِكَ ، بَقَاء الوَطَن عَلَى الْخَيْرِ دَائِمًا يَكُونُ . .

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

قلبٌ حالم في زمن صعب بقلم يسار الحبيب

قلبٌ حالمٌ… في زمنٍ صَعْب! لم تكن معرفتي بأدباء وباحثي محافظة الحسكة ومدنها قبيل عام 1998م إلا من صفحات الكتب أو المجلات، يومئذٍ كنت أتمتم حروفي الأولى، في تجربة شعرية…

إلى رسول الله

بَانَتْ سُعَادُ فَأَشْرَقَتْ فِي الْقَلْبِ بُشْرَىوَمَا لِعُيُونِي بَعْدَهَا الصَّبْرُ أَوْ قَدْرَارَسُولُ الْهُدَى، بَحْرُ الْجَمَالِ وَرَحْمَةٌفَجَاءَتْ بِمَوْلُودٍ أَضَاءَ الدُّجَى نُورَاهُوَ الْبَدْرُ، لَكِنْ لَيْسَ يَأْفُلُ ضَوْءُهُوَلَا يَحْجُبُ الْغَيْمُ الْمُنِيرَ لَهُ سِتْرَا بِمَوْلِدِهِ…

اترك تعليقاً