الضباب المزعج بقلم الشاعر أحمد بن أسباع

“الضباب المزعج ” على المتقارب

وَرَاءَ الضَّبَـاب الكَثِيـف جَلَسْنَـا
نَعُـدُّ الثَّـوَاني …
نُعِـد العَشَـاءَ الأَخِير
نـُزِيح الضَّبَـاب
وَنَشْرُبُ عِطْـرَ الغياب !

سَأَلْتَنِـي :

لِمَاذَا إِذَا مَا تَهَيَّأْتُ لِلْمَوتِ
يَأتَي الحُضُور من اللامكان
يَجُـرُّ نَزِيفَ السِّنِين
يَقُول :أتَيْـتُ مُصَادَفَةً !
مع أجزاء عكسي !
فَقَاطَعْتُ صَمْتَـك قَائِلًا :
إذا نَزَلَ اللَّيـْلُ يَا أَبِـي
سَتُبْصِرُنِي فِي الضَّبَـابِ الكَثِيفِ
أسير وحيدا
ثقيلا … ثقيلا

فَبَعْدَ اِرْتِطَامِـك بِاللاوُجُـود
أَنَـا لَـمْ أَعُـدْ أَنَـا
وِضَلَّ ضَبَابُكَ عَنِّي الطَّرِيق
وَتَاهَ الحُضور وَرَاءالغِياب ..!

سَأَلْـتُ الغِيَابَ ،سَأَلْتُ السَّمَـاءَ
سَأَلـْتُ الهَوَاءَ ،سَأَلْتُ الظِّلالَ
عَنِ الغيبِ وَ اللاوجود !
عَنِ الفَرْقِ بَيْنَ الشِّتَاء
وَمِلح الدُّمُوع !
سَألْتُ الشَّوَارِع عَنْ عَثَرَات خُطَاك
وَلَـمْ أَتَلَقَّى سِوَى الصَّـدَى !

سَأَبْحَثُ عَنْكَ وَرَاءَ الظَّلام
سَـآتي إليْـكَ ..
إِلَـى حَيْـثُ لا أَدْرِي ..
إلَـى اللَّامَكَـان..
سَأَنْبُـشُ ظِلِّي وَظِل الغِيَاب
سَأَنْبُش حَاضِرَك العَبَثِـيّ و أحفر
كَُّل الصَّحَـارِي
سَأَسْأَلُ رِيـحَ الشِّتَاء
لَعَـلَّ الجَوَابَ سَيَأْتِـي بِصحْبَتِكْ
فَفِي كُلِّ لَفْظٍ أَرَاكَ أَمَامِـي
وَيَمْتَصُّنِي البُؤْسُ وَالعَجْز و الخوف و البردُ
وكُلُّ المَآسِي التي عَانَقَتْها تفَاصِيلك الفَوْضَوِيَّة
فَوْقَ رُكَام الغِيَاب !
أَنَـا هُنَـا
أَسِيرُ مع الريح والندى
أَرُشُّ تَعَاسَتِـي
وَأَنْثُرُ حَظِّي عَلَى الصَّدَى
أراك هناك …
بِعَجـْزٍ بِثَقـْلٍ بِسَخْـطٍ بِبُؤسٍ
وراء الضباب
وراء بريق عيون الصغار !
أَراك عَلى كُلّ وَجْـهٍ
كَأَنّك فِي الكَونِ كُلّ البَشَر
وَلَا شَيْئَ بَعْدك غَير العَـدم !!

أحمد بن أسباع

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

وحي ظلك بقلم يسار الحبيب

وحي ظلك ضع شهقتين على دروب قصيدتيلأسوس أســـراب الحــروف وأحـــذراأنا لسـت حـوذيَّ النــصوص، وإنــــماورّطتَ قلبي…. مـــذ عرفتــك أسـمراأنـا غــارق في النصّ أبحث عن غدٍمنذ امـــرئ القـــيس استـجار بقيصرايا آخــــر الأحــــزان…

فتيلٌ من بقايا نبي

صحيفة نحو الشروق

One thought on “الضباب المزعج بقلم الشاعر أحمد بن أسباع

اترك تعليقاً