الإنهيـــار ـــــــــــ بقلم الأديبة عبير صفوت

قصة قصيرة

الإنهيـــار

بقلم الأديبة عبير صفوت

اقداح ساخنة ، ونظرات صامتة ، وافواة تحتسي المشروب ، بلا مذاق أو طعم يذكر .

الريب والتفكير ، يحظى فى شخوص حائرة ، تقول وتتصاعد بالفكر .

فأن تلك الليلة المضنية ، التى كان لها اثر التوتر والانخراط ، بشناعة الموقف ، أضفت عليهم ، اللوم والزعر والعتبان ، فأن الخوارق لا عتاب عليها .

تعدت الساعة الثالثة والنصف صباحا ، الا وكانت ” عزيزة ” الخادمة ، لا ترى أو تدرك ، ما يتحدث عنه ، هذا الرجل المخلول ، كما كان يقولون ، حتى خرج عن شعورة ، بعد أن فرك ذقنة بقرصة مؤلمة ، ليثبت انه مستيقظ ، وانتفض يسرد ما رأة ، للمرة الخامسة ، وكل الحاضرين بهذه الليلة ، يلوحون وجوههم وايديهم ، بلا ادنى اهتمام ، بل كان القصد ، من وراء القول ، هو الإثبات .

وعاد الخادم ” عتريس” يتلسن ، مؤكدا :

كنت ساكناَ ، بعد غسل يدى بالمغسل ، جانب المرحاض ، ورأيت اسفلة ، وكأن بخارا أبيض ، او أدخنة بيضاء ، تسير فى مسارها ، فى صورة متجسدة ، لمن ؟! لا أعلم ، إنما ، زادنى الفضول ، وسرت خلفها ، حتى اخذتنى للغرفة الموصدة ، للراحل “حكيم”

سمع الجميع ، هذا الأسم ، واباح الجميع بكلمة واحدة وصوتا واحد ، كأنة نقرات على سلما موسيقيا :

” حكيم” حكيم” حكيم ”

قالت “ناهد” زوجة الراحل ” حكيم” وهى ٱمراة زادها العمر كهولة ، وانتقصت الذكرى ، من عقلها الماضى و حتى الحاضر والأفكار ، ورفعت رأسها ، كأنها تريد ان تستمع لرد فعل الجميع ، لما ستقولة ، حسبانا لٱذنيها ، التى اصابها الصمم ، وقالت :

اتذكر ، غير متأكدة ، أن ” حكيم ” كان صاحب الأرواح ، وهو المحضر لها ، واشارت نحو مخدعة ، الغرفة المغلقة .

قال ” سالم ” وهو الأخ الأكبر لراحل ” حكيم ” :

لكن ” حكيم ” اخى ، رحمة الله علية ، لم يتفوة امامى ، بهكذا الافعال من قبل .

قالت زوجة الراحل ” حكيم ” :

هذه الاشياء ، لا يصح لها الذكر ، امام الاخرين ، يا “سالم”

حتى قال “عتريس الخادم ” زوج ” عزيزة ” الخادمة :

عليكم جميعا ، أن تصدقوا اقوالى ، فأنا لا اكذب ، وكان التجسيد فيما رأيت رسالة .

خرج ” سالم” عن شعورة ، مستنكرا بالأمر ، يجهر باِمتعاض ، وغير رضا :

ماذا تريد منََ ؟! أن نفعل ، أيها الرجل السازج .

قال ” عتريس ” وهو ينظر للغرفة المظلمة :

بالله عليكم ، لا اريد شيئا ، فانا رجل مسالم ، وظل ينظر يمينا ويسارا ، متلفظاَ ، بكلمة واحدة :

انصرفوا ، انصرفوا ، دستور ، دستور .

قالت ” ناهد ” بكل ثقة ، اودت بها محاربة الصمم :

لم يمنعنى الصمم ، عن الرؤية ، ولم ارى تلك الأشياء ابدا ، بعد رحيل ، الرجل الذى يقام ، علية الإتهام .

قال ” سالم ” فى تعجب : انه الشهر الثالث ، لرحيل ” حكيم ” وكيف تحضر الأرواح ، بدون وجود محضرها .

اصرت ” عزيزة ” الخادمة :

لا اصدق ابدا ، ولن اقتنع فسمحونى .

****
جلس المحقق ، يضغط على شفاتية ، بطريقة ، منت عن بعض الإنعكاسات ، فى وجة ، الذى صار متغيرا ، عن طبيعتة ، قائلا بغضب :

من الأشياء التى تبغض المسؤولين ، عن الشعب ، وتهدد الأمن العام ، هذا الغموض ، الذى يندد بالتلاَعب .

أثارت الكلمة ، دهشة الحضور ، بعد مواصلة المجهول والغموض حدة ، حتى حضر المحقق ، بعد اصرار الجميع ، على حضورة .

ونظرت الية زوجة الراجل ، قائلة :

لا أرى غموضا ، فى هذا البيت ، ياحضرة المحقق ، واشارت صوب سكونها ، مستكملة :

فهاهنا بداية الطريق ، وبالغرفة المظلمة النهاية .

قال المحقق بكل انواع الثقة ، وشبهتا لسخرية :

وماذا ؟! عن الخوارق ، سيدتى الطيبة ، هل تريدننى ان اتأذى .

قالت ” ناهد ” بروية :

سيادة المحقق ، فرغ الأمر ، إلإ من البرهان والاثبات .

ثم انتفض ” سالم” متهتهاَ :

الحقيقة ، علينا جميعا ، أن نكتشف ، ما وراء الرسالة .

جلس المحقق فى هدوء ، قائلاَ ، وهو يشير نحو ” عزيزة :

الحقيقة أن الرسالة ، هى التى تعى باربابها اللب ” عزيزة ”

حدق الجميع ” عزيزة ” بإستنكار ، حتى أقترب منها ” عتريس” قائلا بشراسة :

كنت تعلمين ، مفاد الرسالة ، وكنت من الصامتين .

اللحق المحقق بنظرة ، لهذا الخادم المتعجرف ، اوقفت سريان دمائة ، فى مجراه ، متخاطبا بحزم :

أياك تتعدى الأقوال المبرهنة ، وانت تؤمن بلا أدلة.

ردد الجميع خلف المحقق متسائلا:

نعم الأدلة ، هى الأثبات .

اشار المحقق صوب ” عزيزة ” يأمرها ، أن تفتح باب الغرفة المغلقة .

خطت الخادمة ، بضع خطوات صوب الغرفة ، وكأنها تعرف ما يقطن بداخل الغرفة ، من خبايا .

وعندما خرج السر الدفين ، الذى كان يكن فى الغرفة المظلمة .

شهق الجميع ، وذهبت زوجة الراحل ” حكيم” الى عالم أخر ، ومن الدهشة ،
تخلل ” سالم” وعقد لسانة ، بينما عقد الخادم “_عتريس ” بين حاجباة ، استطردا وجهالة بالأمر .

حتى خرج الرجل ، يمتطى الخيبة والأحراج ، حتى ظل المحقق ، يسرد بداية ما حدث :

الجميع لا يستوعب ما حدث ، إلإ الخادمة ” عزيزة ” التى رأت فى عين مخدومها القلق ، واصرار السيدة ” ناهد ” منع الجميع ، منعا بتا ، نحو الغرفة بالاقتراب .

مما جعل الخادمة ، تدرك وتشك ، وأن تأكدت ، خشت ان تبلغ زوجها المتعصب ” عتريس” فما كان عنها ، إلإ التبليغ ، وكانت الفكرة ، لٱثارة الأمر ، فى عقل زوجها بالخزعبلات ، وما كان هدف ذلك؟! الا كسب بعضا من الوقت ، حتى لا يشعر المجرم ، ويفضى للهرب .

بكت ” ناهد” قائلة بهسترية :
كانت مجازفة ، حين اقترحت على “حكيم” الأختباء ، والشهادة على أن الجثة التى رايتها ، كانت له ، لاثبات رحيلة ، ويختبئ ، حتى يهرب من الأحكام الملفقة له .

وانهارات ” ناهد ” متوسلة للمحقق :
اقسم لك ، انه برئ برئ .

تنبة ” سالم” والخادم ” عتريس” نحو “حكيم ” الذى كان من ثلاث اشهر ، يلقب بالراحل ، وهو مقيد الأصفاد ، ليقضى عقوبة جرمة ، ونظرت ” ناهد” نظرة مفادها :
أن الحق له أن يتجلى ، مهما كان له من الغموض ، والاصرار على الإختباء .

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

الصبر بقلم الكاتبة والأديبة اللبنانية ملفينا ابومراد

الصبر كم قيل في الصبر من المحاسن، حتى في الكتاب المقدس، حيث يُعدّ الصبر من ثمار الروح، ومن علامات الرجاء والإيمان .ففي رسالة القديس بولس إلى أهل رومية (8:‏25)، يقول“لَكِنْ…

وحي ظلك بقلم يسار الحبيب

وحي ظلك ضع شهقتين على دروب قصيدتيلأسوس أســـراب الحــروف وأحـــذراأنا لسـت حـوذيَّ النــصوص، وإنــــماورّطتَ قلبي…. مـــذ عرفتــك أسـمراأنـا غــارق في النصّ أبحث عن غدٍمنذ امـــرئ القـــيس استـجار بقيصرايا آخــــر الأحــــزان…

اترك تعليقاً