” (ما الحرية؟) الأديبة د. تغريد طالب الأشبال/

الأديبة د. تغريد طالب الأشبال
…………
(ما الحرية؟)
من ديوان(معتقل بلا قيود) ج١
………………
كُنتُ بِمَحفِلْ
وَسَمِعتُ بِأسمِ الحُرِّيةْ
ما الحُرِّيةْ؟
ما فَحواها؟
ماذا تَعني لِلبَشَرِيةْ؟
هَلْ هِيَ (ديكَورُ)منازِلِنا؟
أَمْ هِيَ أشياءٌ شخصيّةْ؟
أَمْ في الأسواقِ سَنَلقاها؟
هيَ أجهِزَةٌ نَستَورِدُها!
أَمْ هيَ أمراضٌ عضّوِيةْ؟
في المَحفِلِ صِرتُ أُراقِبُهُمْ
فَرداً فَرداً
وَعُيوني تَرمُقُ بِتَقِيةْ
عَلِّيْ أَلحَظُ في أَعيُنِهِمْ
رَسمَاً أو رَمزَ الحُرِّيةْ
حاوَلتُ مِراراً أسألَهُمْ
لكِنْ خِفتُ المَسؤولِيةْ
هُمْ مَشغولونَ بِمَحفِلِهِمْ
في تَصفيقٍ وبِتَشجيعٍ
وَبِتَلويحاتٍ جَسَدِيَّةْ
قَرَّرتُ أخيراً أسألَهُمْ
كَي أُرضي الرَغبةْ النَفسيّةْ
قُربيْ قَدْ مَرَّتْ سَيّدَةٌ
:سيدتي! أينَ الحُرِّيةْ
رَمَقَتنِي وَقالَتْ في حَنَكٍ:
قُلْ أينَ الدِيمُقراطيةْ؟
يا وَلَدِي تِلكَ عِباراتٌ
لا نُدرِكُها هِيَ سِرِّيةْ
وأشاحَتْ عَنِّي ناظِرَها
تَرَكَتنِي وَسارَتْ بِرَوِيّةْ
مَرَّ بِقُربِي رَجُلٌ أشْيَبْ
وَعَلَيهِ وِقارُ العِلمِيّةْ
:يا أُستاذِي!
أَتَسمَحُ؟ لُطفَاً
عِندِّيْ أسئِلَةٍ غَيبِيّةْ
قالَ :تَفَضَّلْ.. لا تَتَوَغَّلْ
قُلتُ: أَتَعرِفُ ما الحُرِّيةْ
قالَ: الحُرِّيَةُ في المَعنى
أنْ تَكسِرَ قَيدُ الدونِيةْ
تَتَحَرَرَ مِن كُلِ ضُغوطٍ
تَأسَرُ أفكارَ البَشَرِيّةْ
لكِنْ! في عالمِنا هذا
هِيَ أفكارٌ ماسونِيّةْ
هِيَ تَبنِي صَرحَ الدُونِيّةْ
وَتُثَقِّفْ لِعُرِيِّ الفِكرِ
وَتُعَرِّيْ الهَيئةْ البَشَرِيّةْ
قُلتُ لَهُ: هذا مَعناها؟
قالَ: نَعَمْ وَرَمى بِتَحِيّةْ
قُلتُ: سَأَبحَثُ عَنْ قانُونِيّ
لُيُجيبَني في مِصداقِيّةْ
حَضرَتُكُمْ قاضِي؟:
فَقالَ: نَعَمْ
لِمَ تسألْ؟هَلْ تُخفِي قَضِيّةْ
:لا لا.. أَسأَلُ مِن حَضرَتِكُمْ
عَن مُفرَدَةٍ تارِيخيةْ
لا أعرِفُ مَعناها حَقَّاً
فَسِّرْ لِي مَعنىَ الحُرِّيةْ
قَالَ: الحُرِّيةُ أنْ تَبقى
خارِجَ أسوارِ السِلبيةْ
أنْ لا تَبقى في زَنزَنَةٍ
قَيدَ الأحكامِ القُسرِيّةْ
وَاسمَحْ لي فَإنِّي في عَجَلٍ
في حُكمِ ظروفي المِهَنيَّةْ
وأَنا مَشغولٌ في بَحثِي
راوَدَني الشَّكُ بِشَخصِيّةْ
أَتَذَكَّرُهُ مُنذُ زَمانٍ
يَرتَدِي بَزَّةَ زَيتونِيّةْ
فَهَرَعْتُ إلَيهِ لِأَسأَلَهُ
عَن ما تَعنِيهِ الحُرِّيةْ
بادَرَنِي :صُهْ لا تَسأَلَنِي
إجراءاتِي هِيَ أَمنِيّةْ
والحُرِّيَةَ لا يَعرِفُها
إلّا أبناءَ البَعثِيّةْ
حَكّْرٌ لِلحُكامِ ولكِنْ
تَجهَلَها الطَبَقةْ الشَعبِيّةْ
عَجَبي! مَنْ أخبَرَهُ عَنِّي؟
يَعرِفُ أسراري المَخفِيَّةْ
عُدّتُ لِأدراجِي وسُؤالِي
يُشعِرُنِي بِالمَأساوِيّةْ
ذاكَ طَبيبٌ… فَسَأَسأَلَهُ
عَن ما تُخفِيهِ الحُرِّيةْ
قالَ: وَمِبضَعَهُ في يَدِهِ
إدفَعْ لِي ثَمَنَ الكَشّفِيّةْ
فَدَفَعتُ وإنّي مُقتَنِعٌ
لا يَنتَمي لِلإنسانِيّةْ
قالَ: الحُرِّيةْ بِمَفهومِي
إجراءاتٌ تَعويضِيّةْ
يا وَلَدِي هِيَ تَرقِيعاتٌ
كالإسعافاتِ الفَورِيّةْ
فَأَخَذتُ بِبَعضِّي مِن كُلِّي
لِأسألَ أهلَ العُلمانِيّةْ
فَأجابوا :هِيَ أنْ تَتَحَرَّرَ
مِن سُلطانِ الرَبّانِيّةْ
تَكفُرْ بِالّلهِ وَسُلطَتِهِ
كَي تَبقى قَيّدَ الوَثَنِيّةْ
طَأطَأةُ بِرَأسِي فَهدانِي
عَقلِي لِلطَبَقةْ الدِينِيّةْ
:يا مَولانا لُطفَاً قُلّْ لِي
ما الأحرارُ وماَ الحُرّيةْ
هَلْ مِن مَعنىً تُسفِرُ عَنّهُ
غَيرَ الأفكارِ الرِجّعِيةْ
قالَ بِصَوتٍ يُشبِهُ صَمّتٍ
وَبِأَفكارٍ عَقلانِيّةْ
أَوجَزَ لي ما قَد أرهَقَنِي
أوجَزَ لِي مَعنىَ الحُرِّيةْ
قالَ بِهَمسٍ:
[ لا تَبقى عَبداً للدُنيا
فَالآخِرةْ دارٌ أَبَدِيّةْ]

المحرر الصحفي: عوض خلف عوض

المحرر الصحفي: عوض خلف عوض

مراسل صحفي في صحيفة نحو الشروق مدير في شركة سياحية

Related Posts

أنفاس النبوءة

سألتُكِ: أينَ تُخفينَ النبوءَةَ الـتيشقّتِ الحُبَّ في رأسي، وفي صدري؟قُلتِ: بلقيسُ ما زالتْ تُجَرّبنيولا تَخونُ قلبًا ما زالَ في السَّرِّما عندكِ هدهدٌ يروي الحكايةَ لي،لكنَّ ما في دمائكِ الآنَ من…

الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

اترك تعليقاً