قصة قصيرة قتلة و لكن ؟ بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

 

 

قصة قصيرة

قتلة و لكن ؟

بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

عَظِيمَةٌ هِى مَشِيئَة الْقَدْر ، عِنْدَمَا يتوج اللَّهُ لَك بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، هَذَا مَا قَالَهُ ” حسن” عِنْدَمَا كَانَ يَرْتَشِف كُوبا مِن الشاى السَّاخِن مُبْتَسِما رَاضِيًا يُشْعِر بِالسَّعَادَة التَّامَّة ، إِنَّمَا مَا حامَت بِأَفْكَارِه مِثْل حَمَامَةٌ سَوْدَاء ، فَكَرِه أَضَلَّت بِطَرِيقِه ، هُنَا تَسَاءل هَل حَبَّة لِأَبِيهِ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَصْنَعَ مِنْهُ حَمْلٌ وَدِيع ؟ ! أَم وَحْشًا ضاريا ؟ !
وَتَذَكَّر ، لِمَاذَا رَغِم كُلّ حُبّى والولاء ، لَم يَجْعَلَنِى أَبِى أَتَمّ التَعْلِيمِ مِنْ الصِّغَرِ حَتَّى الْكِبْر ؟ !

دَخَل ” حَامِد ” يرتدى مُلَابِسٌ الْعَمَل ، يُحْمَل عَاتِق الِاجْتِهَاد وَمِكْيَالٌ الْإِعْيَاء وَالتَّعَب ، بَعْدَ أَنْ أَصَرَّ الْأَبِ إنْ يَكُونَ مُتَابِعًا لمصنعة الْكَبِير ، مَحْرُومًا مِنْ ابْسُط حُقُوق اسْتِكْمَال التَّعْلِيم ، مُتَأَمِّلًا لِأَخِيه الصَّغِير قَائِلًا :

إذَا هُنَاك بِشَارَةٌ تَوَكَّد بِالْمُتَابَعَة لأباك .

” حسن” كَأَنَّه يَتَنَكَّر :
هَل الْخَادِم ؟ ! لَهُ عَمَلٌ آخَرَ غَيْرِ الْمُتَابَعَةِ .

اِقْتَرَب ” حَامِد ” بِرُؤْيَة مِنْ أَخِيهِ الصَّغِير يَطِيب خَاطِرِه قَائِلًا :
رُوَيْدًا بِنَفْسِك . يَا آخَى الْعَزِيز ، كُلُّنَا أَمْثَال مِحْنَةٌ .

هَرَع ” حَسَنٌ ” يَمْقُت الظُّرُوف وَيَلْعَن اللَّحَظَات :
مَا الضَّرَرَ مِنْ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ ؟ ! أَنَّهَا ابْسُط حُقُوقِنَا .

صُمْت ” حَامِد ” حَتَّى قَالَ :
هَلْ الْأَمْرُ يَحْتَمِل الْمَلَام وَالْعِتَاب الْآن ، واباك فِى أَمَسِّ الحاجَةِ لَنَا .

زَاد النَّحِيب وَالْبُكَاء هطولا ، حَتَّى هَرْوَل الرَّجُلَان وَكَانَت ” عَلْيَاء ” الْأُخْت الصُّغْرَى ، يَزِيدُهَا مِنَ الجَمْرِ نَار ، حَتَّى صَرَخَت قَائِلُه :
تركنى خطيبى ” فَرِيد ” قَالَ أَنْتِ جَاهِلَة جَاهِلَة .

نَظَرٌ كُلًّا مِنْ الْأَخَوَيْنِ نَظَرِه بِلَا تَعْقِيب ، كَانَ الْأَمْرُ كَانَ مُتَوَقَّع ، وترنحنت الْأَسْئِلَة فِى كُؤُوس الرُّؤُوس ، هَل الْجَهْل نِعْمَةً أَمْ نِقْمَة . .”””””””

بسوداة وَكَانَتْ لَيْلَةَ قَاسِيَة شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ ، حَتَّى هَاج وَمَاج الْأَب الْمَرِيض يتلوع مِنْ الْوَجَعِ وَالْأَلَمِ ، أَخْفَق ” حسن” فِى الْأَفْهَام ، أَشَار الْعَجُوز نَحْوِ قَارُورَةٍ مِنْ الدَّوَاءِ ، كَانَ لاَبُدَّ أَنْ يَسِيلَ أَخِيه الْكَبِير ” حامد” وَلَكِنَّ الأَمْرَ خَطِيرٍ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَحْدَه ، حَاوَلَ أَنْ يقراء اسْتِخْدَامٌ الْقَارُورَة لَكِنْ بِلَا فَائِدَةٍ ، أَخِيرًا قَرَّرَ أَنَّ يُعْطِيَهُ الدَّوَاء .

تَعُود الْجَمِيعِ عَلَى ذَلِكَ ، بَعْدَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْأَبَ الْعَقَار يغفو مُطَوَّلًا ، مَرّ يَوْمَان .

صَرَخَت ” عَلْيَاء ” ياويلتى أَبِينَا لَا يَتَحَرَّكُ سَاكِنًا .

اِقْتَلَعْت الصَّدْمَة السُّنَّة الْجَمِيع ، قَال ” حَامِد ” :
أَشْعَر بِرَائِحَة جَرِيمَة .

صَرَخ الْجَمِيع :
نَحْن أبرياء مَاذَا تظننا فَاعِلِين بِأَبِينَا أَيُّهَا الْوَاهِم .

اسْتَكْمَل ” حامد” متوصلا لِقَرَار :

لاَ أَدْرِى مَاذَا حَدَثَ ؟ ! إنَّمَا عَلَيْنَا تَدَبَّر الْأَمْر .

نَظَرٌ البستانى لجثة الرَّجُل المسجية بِالْفِرَاش ، حَتَّى قَالَ :
هَذَا نَتيجَةَ عَدَمِ الوعى .

قَال ” حَامِد ” :
مَا العَمَلُ ؟ !

أَشَار البستانى صَوْب الحَدِيقَة .

جَلَس الطَّبِيب الْمُعَالَج لِرَجُل الْعَجُوز ، مُتَحَيِّرًا مِنْ أَمْرِهِ يَصْدُر بَلَاغًا لِرَئيس النِّيَابَة قَائِلًا :
اِخْتَفَى رَجُلًا مِنْ الأثرياء كُنْت اِهْتَمّ بِحَالَتِه الْمَرْضِيَّة ، قَالَ لِى انجالة ، إنَّهُ رَحَلَ لِلْخَارِج لِيَتِمّ عِلَاجُه ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَالٌ الرَّجُلِ لَا يَسْتَطِيعُ الحَرَاك ، فَهُوَ مَرِيضٌ ضَغَط وَسُكْرٌ وَفَشِل كلوى فِى مَرْحَلَة مُتَأَخِّرَةٌ .

***

قَبَص بِأَنَامِلِه الصَّغِيرَة قَشَّة ، رُسِمَ بِهَا شَيّ مُجَرَّدٌ مِنْ الْمَلاَمِح ، حَتَّى أَشَار لِخَادِم الْبُسْتَان الَّذِى كَانَ يَعْمَلُ مَعَهُ لِمُرَاعَاة حَدِيقَة قَصَر أَبِيه ، قَائِلًا :
عَمّ رَبِيع لِمَاذَا لَمْ يَسْمَحْ لَنَا أَبِينَا أَنْ نَتَعَلَّمَ مِثْلَ كُلِّ الأَجْيَال .

صُمْت البستانى وَهُوَ يَنْظُرُ لمنحوت الرِّمَال الَّذِى رَسْمِه الْغُلَام بِالْأَرْض قَائِلًا :
لَكِنَّك فَنّان .

قَالَ الْغُلَامُ بدعابة لاذاعة :
فَنّان جَاهِلٌ بِلَا مَلامِح مِثْلِ هَذِهِ الرسمة .

هَبَط اللَّيْل بسوداة وَكَانَتْ لَيْلَةَ قَاسِيَة شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ ، حَتَّى هَاج وَمَاج الْأَب الْمَرِيض يتلوع مِنْ الْوَجَعِ وَالْأَلَمِ ، أَخْفَق ” حسن” فِى الْأَفْهَام ، أَشَار الْعَجُوز نَحْوِ قَارُورَةٍ مِنْ الدَّوَاءِ ، كَانَ لاَبُدَّ أَنْ يَسِيلَ أَخِيه الْكَبِير ” حامد” وَلَكِنَّ الأَمْرَ خَطِيرٍ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَحْدَه ، حَاوَلَ أَنْ يقراء اسْتِخْدَامٌ الْقَارُورَة لَكِنْ بِلَا فَائِدَةٍ ، أَخِيرًا قَرَّرَ أَنَّ يُعْطِيَهُ الدَّوَاء .

تَعُود الْجَمِيعِ عَلَى ذَلِكَ ، بَعْدَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْأَبَ الْعَقَار يغفو مُطَوَّلًا ، مَرّ يَوْمَان .

صَرَخَت ” عَلْيَاء ” ياويلتى أَبِينَا لَا يَتَحَرَّكُ سَاكِنًا .

اِقْتَلَعْت الصَّدْمَة السُّنَّة الْجَمِيع ، قَال ” حَامِد ” :
أَشْعَر بِرَائِحَة جَرِيمَة .

صَرَخ الْجَمِيع :
نَحْن أبرياء مَاذَا تظننا فَاعِلِين بِأَبِينَا أَيُّهَا الْوَاهِم .

اسْتَكْمَل ” حامد” متوصلا لِقَرَار :

لاَ أَدْرِى مَاذَا حَدَثَ ؟ ! إنَّمَا عَلَيْنَا تَدَبَّر الْأَمْر .

نَظَرٌ البستانى لجثة الرَّجُل المسجية بِالْفِرَاش ، حَتَّى قَالَ :
هَذَا نَتيجَةَ عَدَمِ الوعى .

قَال ” حَامِد ” :
مَا العَمَلُ ؟ !

أَشَار البستانى صَوْب الحَدِيقَة .

جَلَس الطَّبِيب الْمُعَالَج لِرَجُل الْعَجُوز ، مُتَحَيِّرًا مِنْ أَمْرِهِ يَصْدُر بَلَاغًا لِرَئيس النِّيَابَة قَائِلًا :
اِخْتَفَى رَجُلًا مِنْ الأثرياء كُنْت اِهْتَمّ بِحَالَتِه الْمَرْضِيَّة ، قَالَ لِى انجالة ، إنَّهُ رَحَلَ لِلْخَارِج لِيَتِمّ عِلَاجُه ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَالٌ الرَّجُلِ لَا يَسْتَطِيعُ الحَرَاك ، فَهُوَ مَرِيضٌ ضَغَط وَسُكْرٌ وَفَشِل كلوى فِى مَرْحَلَة مُتَأَخِّرَةٌ .

***

هَطَلَت الشَّمْس حَرَقَتْهَا ، حَيْثُ كَانَتْ جُثَّة الرَّجُل تَبَرَّز مِنْ بَاطِنِ الْبُسْتَان بَعْدَ أَنْ أَشَارَت الْكِلَاب الْمُفْتَرِسَة اللاهسة ، عَنْ مَكَانِ الجَرِيمَة .

جَلَس حَسَنٌ بِعَيْن يَزِيدُهَا الْبَرَاءَة يَقُولُ وَهُوَ مُنَكِّسٌ رَأْسَهُ لِوَجْهِ الْأَرْضِ :
هَل تَظُنّ أَنَّنَا قَتَلَه مُجْرِمِين ؟ !

قَالَ الْمُحَقِّقُ :
نَحْنُ لَا نَظُنّ ، الْأَدِلَّة هِى الْقَاطِع بِالْيَقِين .

قَال ” حَسَنٌ ” وَأَيْن الْأَدِلَّة فِى ميتت أَبِى .

قَالَ الْمُحَقِّقُ :

هَذَا مَا سنعلمة مِنْك الْآن .

قَال ” حَسَنٌ :

هَل تَعْتَقِد ؟ ! أَن الترويض بِلَا عِلْمٍ يَخْلُق خَادِم مُفِيدٌ .

جَلَس الطَّبِيب الشرعى يَلْتَقِط أَنْفَاسَه ، قَائِلًا بِحَذَر :
هَل تَعْتَقِدَ أَنَّ الْقَتْلَ كَانَ مَقْصُودٌ ؟ ! حِينَمَا أَعْطَى الِابْنِ لِأَبِيهِ جُرْعَة الْمَسْكَن الَّتِى أَوْقَفْت وَظَائِف أَعْضَاء الْجَسَد لِأَنَّهُ مَرِيضٌ الْفَشِل الكلوي .

الْمُحَقِّق :
إذْ كَانَ الْمُتَابِع جَاهِلٌ فَالْقَتْل دَائِمًا مُحْتَمَلٌ .

قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى :
هُنَاك وُحُوشٌ آدَمِيَّة وَالْعِلْم سماتهم ، مُبَال الْجُهَلَاء المروضين بِلَا عِلْمٍ .

الْمُحَقِّق :
الْقَتْلِ بِدُونِ عَمْد مِنْ أَسْوَإِ الْجَرَائِم الَّتِى لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا القَانُونُ . .

الطَّبِيب :
إنَّمَا التكتم عَلَى الْفِعْلِ جَرَم وَدُفِن الْجُثَّة بِلَا أَمْرِ نِيابِي جَرَم آخَر .

الْمُحَقِّق وَكَأَنَّه يَلُوم الْمُجْتَمَع :
الْجَهْل جَعَل الْخَوْف يُلْجَم عُقُولِهِم ، وأخفق الْجَمِيع فِى تَقْدِير الْمَوْقِف .

الطَّبِيب الشرعى :
الأَجْيَال الصاعدة تَرِث الْجَهْل ، جَرَم يَتَغَذَّى عَلَى إِخْطَاءٌ الْآبَاء .

الْمُحَقِّق :
مَصِير الْآبَاء نَتِيجَة جَهِل الْأَبْنَاء . .

 

 

 

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

أنفاس النبوءة

سألتُكِ: أينَ تُخفينَ النبوءَةَ الـتيشقّتِ الحُبَّ في رأسي، وفي صدري؟قُلتِ: بلقيسُ ما زالتْ تُجَرّبنيولا تَخونُ قلبًا ما زالَ في السَّرِّما عندكِ هدهدٌ يروي الحكايةَ لي،لكنَّ ما في دمائكِ الآنَ من…

الكتابة مرآة الذاكرة الذاكرة والكتابة للكاتبة ملفينا ابومراد

الكتابة مرآة الذاكرة… بين الفهم والتفهيم الذاكرة والكتابة الذاكرة هي المحور، والكتابة هي الحوار. فكيف تكون الكتابة حوارًا؟الحروف التي تتكوّن منها كلماتنا، تثير الذاكرة، فتذودنا بما نريد كتابته. وكأنّ كل…

اترك تعليقاً