
فتيلٌ من بقايا نبي
حينَ مَرَّتْ يَدَاكِ ارْتَجَفْنَا طُيُوفًا
وَتَشَقَّقَ فَانُوسُنَا مِنْ غُبَارِه
كانَ يَشْدُو كَنَايٍ علَى ظِلِّ رُوحٍ
فِي خَيَالٍ تَعَمَّدَ فِي انْبِهَارِه
لَيْسَ فَانُوسُنَا مِنْ زُجَاجٍ هَشِيمٍ
إِنَّهُ مِنْ تَرَاتِيلَ مِنْ غُفْرَانِه
قَالَ فِيهِ الأوَائِلُ هَذَا فَتِيلٌ
مِنْ بَقَايَا نَبِيٍّ، نَزَفْتُ مَدَارِه
كُلَّمَا هَزَّهُ الرِّيحُ، نَامَ الزَّمَانُ
وَاسْتَفَاقَتْ بِهِ الأرْضُ مِنْ سُبَاتِه
إِنَّهُ آخِرُ النُّورِ فِي حِيرَةِ الحَرْفِ
يَسْتَجِيرُ الخَيَالُ مِنِ انْطِفَارِه
هُوَ فَانُوسُ مَنْ ضَلَّ، مَنْ هَامَ وَجْدًا
مَنْ تَقَصَّى دُرُوبَ الهَوَى بِسَفَارِه
كُلَّمَا مُزِّقَتْهُ الرِّيَاحُ بِنُكْرَانٍ
عَادَ، يَنْفُخُ فِي اللَّيْلِ مِنْ شَرَارِه
إِنَّهُ لِلْحَبِيبَيْنِ خَيْطُ النَّجَاةِ
حِينَ يَكْسُو ضَبَابُ الْمَدَى أَعْذَارِه
حِينَ تَبْكِي العُيُونُ بِلا لُغَةٍ
هُوَ يَجِيءُ… وَيَمْحُو بُكَاءَ اسْتِعَارِه
وَإِذَا مَا ارْتَجَفْنَا، وَأُوصِدَ دَرْبٌ
يَنْحَنِي… ثُمَّ يُومِضُ مِنْ غَفَارِه
لَيْسَ فَانُوسُنَا بَلْ نَبِيُّ اللَّيَالِي
كُلُّ سَهْدٍ يُصَلِّي عَلَى مَنَارِه
إِنْ مَشَيْنَا عَلَى المَاءِ، كَانَ دَلِيلًا
وَإِذَا ذَابَ صَدٌّ، يُعِيدُ انْصِهَارِه
قَالَ صَوْتُ الهَوَى فِيهِ كُونِي حَنَانِي
وَاتْرُكِينِي أُضِيءُ بِهِ انْتِظَارِه
كَمْ أَحَبَّ العُشَّاقُ فِيهِ احْتِرَاقًا
وَتَمَنَّوْا لَهُ المَوْتَ فِي انْبِهَارِه
قِيلَ: كَانَ الفِدَاءَ لِعَاشِقَةٍ
حِينَ نَامَتْ، وَأَوْقَدَ مِنْ جَفْنِهَا دُثَارِه
وَقَفَتْ عِندَهُ الأرْضُ، حَتَّى تَخَطَّى
سَقْفَ كَوْنٍ، وَنَادَى عَلَى اخْتِيَارِه
قَالَ مَا النُّورُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فُؤَادٍ
قَدْ تَشَرَّبَ عِشْقًا، وَأَلْقَى قَرَارِه
قَدْ تَجَلَّى، كَأَنَّ الحَنِينَ نَبِيٌّ
فَانْبَعَثْنَا، وَكَانَ هُوَ انْفِجَارَه
فَاحْمِلُوهُ إِذَا اللَّيْلُ خَانَ الطَّرِيقَ
فَهُوَ إِنْ ضَلَّ نُورٌ أَعَادَ مَدَارَه
وَانْقُشُوهُ عَلَى كَتِفِ العَاشِقِينَ
كَالحُرُوفِ الَّتِي فَاضَ مِنْ سِرِّهَا غُبَارَه
فَانُوسُنَا لَيْسَ يُطْفِيهِ مَوْتٌ
بَلْ يُضِيءُ المَمَاتَ بِاشْتِعَالِ انْكِسَارِه
فِي دُجَى اللهْفَةِ انْبَثَقَتْ نُبُوءَتُهُ
فَانْتَهَى العَاشِقُونَ مِنِ انْتِظَارِه
بسام