الوَدَاعُ شعر: أحمد جنيدو

الوَدَاعُ
شعر: أحمد جنيدو
يَا مَنْ تُوَدِّعُـني، و النَّفـسُ تَرتَحِلُ.
تَركتِ في القَلبِ جُرحاً كيفَ يُحتَمَلُ.
الحُزنُ خَيَّمَ فِـي الأَجـوَاءِ هَاجِرتِي،
هَلْ بَعدَ أَوجَاعِنَا، قَدْ تُهتَدى الـسُّبُلُ.
تَعدُو المَسَافَةُ وَ الأَحشَاءَ تَفتُكُهَا،
ولَمحَةٌ وَضَعَـتْ أَوزَارَهَا المُثُـلُ.
أَعَدتِ عَهـداً مَضَى بِالحُبِّ، يَغـمُرُنَا،
و لَمسَةً ولِدَتْ بِالرُّوحِ تَبتَهِـلُ.
أَتَذكُرِينَ قِطَافَ الوَردِ مِنْ جَـسَدٍ،؟!
وَالنُّورُ مِنْ نَظرَةِ الإِيحَاءِ يَشتَعِلُ.
الرَّسمُ فِي شَفَةٍ مَاءٌ عَلَى عَـطَشٍ،
والفَجرُ مِنْ قَدِّكِ المَيَّاسِ يَنهَمِلُ.
الهَمسُ فِي لَهفَةِ الأضلاعِ مُؤنسُها،
والليلُ مِنْ شَعرِكِ المُنسَابِ يَنسَدِلُ.
كيفَ الحَيَاةُ بِدُونِ الوَصلِ نَعبُرُهَا؟!
وفِي فِرَاقٍ يَغِيبُ الوَصلُ والنُّزَلُ.
أَتَذكُرِينَ لَهِيبَ الشوقِ فِي لُجُجٍ،؟!
فُرَاتُهَا بَينَ عَينِيِّ المَهَا قُبَلُ.
واللَحنُ مِنْ خَطوِها يَشدُو خَوَاطِرَنَا،
والضَّوءُ مِنْ خَدِّها قَدْ جَاءَ يَغتَسِلُ.
تَخضَرُّ تحتَ الخُطَى صحرَاؤنا فَرَحاً،
ويَرقُصُ الطّيرُ عِشقاً، يُنشَدُ الأَمَلُ.
أَتَذكُرِينَ حَدِيثَ الضَّمِّ يَسحرُنَا،؟!
ولَغـوَةَ الوَجدِ في الأَحضَانِ تُرتَجَلُ.
سَأتركُ العَتَبَ الأُنسِيَّ يَجرَحُنَا،
فالنُّطقُ في الضَّعفِ تَجرِيحٌ بِهِ العَذَلُ.
غدتْ تغضُّ العيونَ الحورَ تحجبُها،
والدَّمعُ يُحجبُ، في الأهدابِ يُندَمِلُ.
تَبُوحُ في لَوعَتِي سِـرّاً مَلَامحَهَا،
تُكَلَّمُ الصَّمتَ مِنْ أَعمَاقِنَا جُمَلُ.
كَانَتْ تَضُوعُ جِنَانَ المِسكِ مِنْ فَمِها،
ويَشربُ الخَمرَ مِنْ أَورَاكِهَا الثَّمِلُ.
و يُـبـدِعُ الشِّعرَ مَجنُونٌ برَاحِلَةٍ،
ويوقِدُ النَّشوَةَ السَّكرَى بِهَا الوَجَلُ.
كُنَّا صَغِـيرَينِ لِلآمالِ مرحلَةً
بُعداً يَصُولُ، ويُغْنِي حُلمَنَا الأَزَلُ.
مَرَّتْ عَـليـنَا خُيُوطُ الوَعدِ فِي مَلَلٍ،
فَيَكـتَـفِي رَوعَـةً مِنْ سِحرِنَا المَلَلُ.
ويَحزَنُ الكونُ إنْ مَرَّ الصَّدَى عَجِلاً،
فَمُثلُنَا فِي جُـمُـودٍ، يُـبـدَعُ الـفَـشَـلُ.
يَا مَنْ أُعَـاتـبُهـا، والدَّمـعُ مِـحـبَـرَةٌ،
عَبَرْتُ نَزْفاً، تَجَلَّى جُرحُهُ الخَضِلُ.
هَـاتِي قَصَائدَنَـا الغـرَّاءَ مِنْ مُـزَنٍ
مرقوقةَ الهَتْفِ حارتْ في النُّهى الرُّسُلُ.
وارْمِي الوِشاحَ لكي أَغتَابَ خَاتمَةً،
نَقَشـتُ في مَطَرِ التِّرحَالِ مَا يَصِلُ.
حَـسبِي بِأنَّكِ مِيعَادٌ بِلا أَجَـلٍ،
لا يُغمِدُ النَّصْلَ في صَولاتِهِ الأَجَـلُ.
إِنِّي زَرَعتُ عَلَى الإِيمَاءِ فِطرَتَهُ،
هَلْ مَاتَ قَبلَ يَقِينِي خِفيَةً أَسِلُ.؟!
أَمْ قَطَّعَتْ لحظَةَ التَّمزِيقِ قِصَّتَنا،!
مَازَالَ، يَفضَحُ عُمقاً طَرفُها الخَجِلُ.
تَمضي، وعينِي وَرَاءَ الظَّلِّ لاهِثَةً،
و تَسأَلُ القَدَرَ المَحتُومَ مَا العَمَلُ.؟
يَرِدُّ مَيـلٌ، وَقَـدْ غَـطَّــى الـدُّنَا وَجَعاً،
بَاحَتْ دُمُوعٌ سُــؤَالاً فِـيكَ يُـخـتَـزَلُ.
فِي وَقفةٍ صَـارَ كُلُّ الـكَـونِ مَـقـبَـرَةً،
أَبقَى أَنِيناً خَـفِـيّـاً ذَلِـكَ الـشَّــلَـلُ.
فعُدتُ أَحمِلُ بَعضَ الصَّبرِ في جُعَبِي،
وأَمضَغُ الحَسـرَةَ العَـميَاءَ، أَعتَزِلُ.
25/6/2017
شعر: أحمد جنيدو
من ديوان سقطت النقطة عن السطر

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

الصبر بقلم الكاتبة والأديبة اللبنانية ملفينا ابومراد

الصبر كم قيل في الصبر من المحاسن، حتى في الكتاب المقدس، حيث يُعدّ الصبر من ثمار الروح، ومن علامات الرجاء والإيمان .ففي رسالة القديس بولس إلى أهل رومية (8:‏25)، يقول“لَكِنْ…

وحي ظلك بقلم يسار الحبيب

وحي ظلك ضع شهقتين على دروب قصيدتيلأسوس أســـراب الحــروف وأحـــذراأنا لسـت حـوذيَّ النــصوص، وإنــــماورّطتَ قلبي…. مـــذ عرفتــك أسـمراأنـا غــارق في النصّ أبحث عن غدٍمنذ امـــرئ القـــيس استـجار بقيصرايا آخــــر الأحــــزان…

اترك تعليقاً