احتواء الألم الجميل بقلم القاص: إدريس جوهري . ” روان بفرنسا “


بقلمي : ” احتواء الألم الجميل

“❣❣

كنت في المطعم مع زوجي ستيف ، نحتفل بعيد ميلاد
زواجنا الخامس والعشرين ، أعلم أننا لم نعد كالماضي
فشعلة الحب شبه منطفニ ، أرى ذلك في عينيه فراغ بارد
يؤلمني جدا ، نتبادل أطراف الحديث وبعض الضحكات
بطريقة رسمية ، زائفة ، كالغرباء ، أصواتنا قد فقدت
تلك الشرارة اللامعة التي تعكس عواطفنا ، الحب والحنان
والدفئ والفرح ، والغضب والحزن ، والوجع والشجن ،
ثم الانكسار .. الجراح .. ذلك الضياع ، التوهان ، السراب
الظلام ، كأنك عالق بين جحيمين ، كلاهما مر علقم
تجمدت ، تخدرت الحواس فقدت الإحساس ، الرؤية ،
أنظمة شعورية مضطربة ، صارت كأوراق ثلجية جليدية
خريفية ، سقطت بقوة بشدة مسرعة ترتطم على ألواح
قطبية إسمنتية ، تكسرت إلى مئة جزء ، أو يزيد ،
مثل ” البازل ” لازالت نبضات خفية تسري في جسدها
الزجاجي الشفاف ، تطايرت شرقا وغربا مع رياح الملل ،
والفتور ، و الحرمان العاطفي والجنسي .. ما تبقى
من تلك اللحيمة الوردية مركز الشيء والاشيء ، يكتوي فوق
جمرات ملتهبة ، يفضفض يحكي عن باقي الرواية الوردية
الممزقة … هل أتمم ..!! لا ..!! هي تقول .. تكمل الحكاية ..
أنا مدركة أني لم أعد تلك الفتاة الشابة ذات العشرين ربيعا
في جسمي وجمالي وجاذبيتي ، لكن رغم ذلك لست عجوزا
بعد ، فأنا مازلت في كمال واكتمال وسحر أنوثتي ،
سيدة أربعينية في قمة النضج والوعي والخبرة والعطاء ..
انتهينا من العشاء ، ورجعنا إلى البيت ، ونمنا كل على جنب
كالجيران ، لا تلمس يده يدي ، لا عناق ولا قبل ، أرض جافة
قاحلة كل الزهور ذبلت ، تجمدت حديقتنا من شدة الصقيع ،
وثلوج الإهمال والجفاء والفتور ، لم أستطع النوم من شدة
التفكير ، فتحت اللابتوب وحجزت بطاقتين ، رحلة إلى إيطاليا
بتاريخ مفتوح ، كي نغير من حياتنا ، ونعيد البسمة والفرحة لها
ونجدد حبنا ، ونحيي بعض الذكريات ، آملة مني أن تفعل فعلها
وترسم السعادة علينا من جديد …
مرت بضعة أيام ، ذهبت إلى عمله لأفاجئه
كما كنت أقوم في السابق ، حتى فوجئت عندما
رأيته يعانق ويقبل إحدى طالباته بحرارة في الجامعة ..
كانت صدمة موجعة ، طعنة عنيفة ، زلزلت كياني أحسست
بدوار شديد استندت على السيارة ، صارت دموعي تسيل
بحرقة اختنقت كأني أتنفس من ثقب إبرة ، ثم سمعت
صوتا يناديني من بعيد … ” لميس ” .. ” لميس ” ..
استيقظي يا حبيبتي لقد تأخرنا … اللعنة ..
لقد كان حلما بشعا ، كابوس مخيف .. صحوت
وجدت نفسي قد نمت على مكتب البيت نسيت
نفسي من شدة التعب …. والقلم في يدي ✍ … ❣❣

بقلمي/ إدريس جوهري . ” روان بفرنسا ”
25/01/21
Photo By / Dimitry Tamplier Prozorov

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

احتفاء باليوم الوطني للفنان ، نظم قطاع لولاية جيجل فعاليات عديدة تحتفي بالفنانين و المثقفين في مختلف دروب الابداعبداية الاحتفالات كانت بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية حيث نظمت أصبوحة فكرية أثثها…

الى صديق سهيل سركيس

سهيلُ سَركيسُ الوقورُ إذا خَطاقامتْ موازينُ العُلى من حيثُ كانْ من “قَبري حُوري” جاءَ ينسُبُ نخلَهُللرُّشدِ… للأصلِ الرفيعِ… وللأمانْ في صَدرهِ حُكمٌ، وفي عَينَيْهِ نورٌيفتي القلوبَ، ولا يُجادِلُهُ اثنانْ وسماتُه……

اترك تعليقاً