على أطلال حيفا للكاتب عبدالله بكري

 

أمشي بخطى الخذلان إلى ذلك الشاطئ وبرفقتي أخي الصغير الذي لم أخرج من حيفا إلا به فقط، بينما أفراد أسرتي ، أمي وأبي وأختي سناء جميعهم استشهدوا تحت انقاض تلك المباني المهدمة من قصف الصهاينة ….
أقف لألقي نظرتي الأخيرة على حيفا، مدينة الآباء والأجداد … مدينة الصبا وبراءة العمر، أتذكر أصوات الاستغاثات من تحت الركام، وتلك الطائرات التي تقصف هنا وهناك … أتذكر أمي .. أتذكر أبي .. أتذكر أختي سناء، وآخر تجمع كان لنا في فناء البيت …
وفجأة يسحب كفي أخي الصغير ويسألني “هل سنعود الى حيفاء ؟” ، لم أستطع أن أتكلم سوى أن هززت رأسي .. نعم نعم ! ، ثم بادرني قائلاً أين سننتظر أمي وأبي وأختي سناء ؟ .. فانهمرت الدموع من عيني ثم نظرت إليه وقلت له هم بانتظارنا الآن في الجنة ، وسنلحق بهم يومًا ما ! .
عدت للمشي باتجاه البحر واتلفت يمنة ويسرة والناس من حولي تهرع مسرعة، فجميعهم مهجّرين وذاهبين إلى المجهول … وألمح تلك المرأة حاملة طفها وتبكي على فقدان زوجها وجميع اهلها، فقد اصبحت وحيدة وستكون غريبة في بلدٍ ما !!
الكل ركب الباخرة وعيونهم متجهة إلى حيفا، وأنا أيضا حملت أخي واعتلينا تلك الباخرة المتجهة إلى بلدٍ أسمونا فيه لاجئين ! وقد نعود وقد لا نعود ! …

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

نحو المسيرة الإعلامية متعب الشبلاوي

المقدمة:قصتك مع الإعلام والسوشيال ميديا.لماذا اخترت هذا المجال كهواية وشغف.الفصل الأول: البداية والإلهامأول تجربة لك في الإعلام أو مواقع التواصل.الأشخاص أو الأحداث التي ألهمتك.الصعوبات الأولى وكيف تغلبت عليها.الفصل الثاني: تعلم…

سلو االفؤاد للشاعرة السورية غنوة حمزة

سَلوا الفؤادَ سلوا الفؤادَ بلطفٍ عن مواجعِنالايُجدي للجرحِ بعدَ النزفِ تطبيبُ في بحرِ عشقٍ هوَت للقاعِ قافيتيوالشيبُ في إلهامٍ لايجديهِ تخضيبُ أغفو وأصحو على ذِكرى تعذّبُنيقد شابَ قَلبي وبعضُ الشّوقِ…

اترك تعليقاً