قصة الجريمة- السور الزجاجى- بقلم الأديبة عبير صفوت

 

ماذا قلت بحق السماء ؟! وأنت تتنكر ، واراك ليس معصوماَ ، بل أنت من المخطئين .
ترددت هذه الكلمات ، من فاه زاَعق بلآ صبر .
تلفظ بسعة قلبة القلق والحيرة ، أصدر المحقق ، هذا السؤال بقوة الاثبات ، نحو الرجل متصوبا بعلة أفاضت أمرها بالبرهان ، قائلاَ:

هناك كياَن يشهد ، متجسداَ بمادة خطيرة ، ولا أراك تثبث العكس ، فى ذلك الأمر .

حتى تنبة ” خليل” متحدب الأحداق ، كارجلاَ فقد الثواب منه ، ضائع لا محالة من رجوعة ، وتوهم بالصبر هامساَ :

ما الفائدة من النكران ؟! و الاثبات محلة ، لن يكون بيدة الرفع عن معصوم .

قال المحقق ، متحيرا :

هل هناك بالأمر ؟! ماتخفية يا “خليل ”

نظر ” خليل” بعينان كعيون الأرنب ، تمتلئ بالبراءة ولا تخلى من الحذر ، قائلاَ وبدت لمعة بالأحداق تثمر ماهية الأمور ، بصوتة الهادئ متسللاَ لنفس :

ثلاثة شهور ، لم اعتب الخطى من عملى ، الذى اعتبرة منزلى ، ومقرا لى ، والروتين بعملى لغسل سيارتى الهونداى ، كل عشرة أيام ، أو حسبما أرى ذلك .

وكان اليوم الموعود ، وكان لاَبد من الغسيل ، ولم يبرح مرور التوقيت لأتمام ذلك ، الا وقد اتى الأمناء لألقاء القبض عليا .

جلس المحقق ينظر ل ” خليل ” صامتاَ ، ثم اقترب قائلاَ ، بنظرة من عينية تفيض بالرثاء والتحير وقليل من التسليم بالأمر ، يرتب بمنكبة ، الذى تبين بمظهرة ، رعشة كانت تكن ببدن الرجل .

ثم انتصب المحقق ، بمظهرا يفوق السرعة والتيقن ، وتحدث بقوامة الخلفى بعضلات القوة والارادة ، مسترشداَ بالبرهان ، كأنه يذكر نفسة ، أن العواطف لا تخالف البرهان ، وان الجريمة ، ماهى ؟! الا وقائع وأدلة ، ثم نفس بكلماته :

اثبتت التحقيقات والدلائل ، أنك بالقطع ، رجلاَ مسالم ، ثلاثة شهور لم تبرح عملك ، الذى هو عملاَ ومقرا للأثاث و بيت للمبيت ، نظفت العربة المرات والمرات ، فى هذا التوقيت ، ولم يرى بها العاملون على تنظيفها ، ما يلفت الأنظار ، السؤال هنا :

كيف دخلت اكياس المخدرات ، الى العربة ، وهى اكياس مُلفتة للنظر ، ومن الذي تواطئ لسعى لذلك ؟!

انتقلت نظرة متشتتة ، من اسفل مآقى ” خليل ” يترتب عليها القول ، الذى ليس منه أفادة بل الخذلان ، وافاض نطقها بالصمت .

حتى دخل الأمين ، بمظروف كبير ، يفضى بما قالة الطبيب الشرعى ، وتبين من الأمر ، حدوث الغرائب .

قال المحقق متفكراَ :

هل هناك ؟! يداَ خفية .

قال الطبيب الشرعى ، متخذاَ وضعية الجلوس :

نهاية القول ، هناك اللعوبة ، من ظهر التواطئ ، فضلاَ أن المتهم ، لم يكن له العداوة مع الأخرين .

قال المحقق متهافتاَ :

ماذا وراء الأيادى الخفية ، وكيف تمت الأحداث .

الطبيب الشرعى :

بداية الخيط ، بصمات تخالف بصمات العاملين بمقر العمل ، ومنثور البصمات علي خلفية السيارة ، والإطارات والمقعد الخلفى ، والمفاجأة ، بصمات على حدود ، سياج من الزجاج ، اعلى السيارة المذكورة ، وهى لشخص واحد ، وعقاب من السيجار ، كان اسفل السياج الخلفى لخارج الشارع ، كانت له نفس البصمات .

لمح المحقق ، أشارة ذكية :
ترى من الزائر ، وكيف تم الأمر ؟!

قال الطبيب الشرعى :

تبين من البصمات ، إنها لشخص واحد .

قال المحقق نافياَ :

من المستحيل ، اتمام الأمر بهذه السهولة ، فأن منطقة العمل فى هذة البؤرة مكتظة بالعمال ، من الصعب دخول غريب بدون رؤية .

قال الطبيب متبسماَ :

هذا ما سنعرفة من الضيف .

جلس “صابر” مكتوف اليدين ، ملتفاَ بالندم والخوف ، نظراَ لما وراء الخوف ، يجالسة شبح العقاب ، متسائلاَ بنفسة :

ترى ماذا سيفعلون بى ، أن تلفظت بكلمات لم تتأنس مع التيار .

واندفع الهلع يتوج نفسة بعراقيل الصمت ، حين حضر المحقق ، بهيبة وجلال بهما كل صولجان الرهبة ، قائلا بصوتا رشيد قائم على البرهان والأدلة ، متسائلا بعينان عميقتان ، بمخزى وثيق :

صابر ، كيف قمت بذلك ؟!

حاول “صابر” أن يتنكر ، لكنة نظر ملياَ ، صوب تلك العيون ، للمحقق الذي اصفد عقل ” صابر” من الوهلة الأولى ، قائلاَ :

ليس لى ذنب ، انها الحقيقة .

قال الحقق :

حقيقة ينقصها الصدق .

قال ” صابر ” :

لست انا المقصود بالاتهام ، بل هى ياسيدى .

تنبه المحقق متثاقل الكلمات :

من هى يا ” صابر ” ؟!

أنبسط الخدر ب ” صابر” كأن الذكرى ، خرجت تحلق بالتجسيد لما صاَر ، حتى قال صابر ، متوسلاَ ، لتلك التى اضحت بأمرة الرخص والمهانة :

هذا الأمر خطير ، ماتطلبين منى ، القيام بة .

قالت “دلال” وهى تسترخى بحالة من السكينة والأطمئنان :

هذا طلبى ، أذ اردت ودى ، غير ذلك ، فلاً امامك الا نافذة البوابة ، التى اتيت منها .

صعق ” صابر” ، حتى تقطرت دموعة ، متهتها :

لكننى ،أحبك ، أحبك .

قالت المراة بجحود :

اذا قم بالأمر ، لن يتخذ منك الا الحذر .

افاق “صابر” من غفوة اليقظة ، قائلاَ :

كان الأمر خطير ، ماعليا فعلة ، القيام بوضع المخدرات فى توقيت معين

انصت المحقق جيداَ ، ثم راودة بسؤال ، يواكب فكرة الهامد :

كيف تم المخطط ؟!

اشار صابر لمسرح الجريمة ، الخيالى ، يصف الحدث :

يوم الخميس ، تمام العاشرة صباحا ، العمال منشغلون ، بالعديد من الأعمال ، المبنى المقابل ، يقطن به “خليل” والعربة التى يملكها امامة ، كان من السهل ان يرانى ، وانا اضع العبوة المخدرة .

قال المحقق فجأة :
وما كان الحل ؟!

قال صابر :

لحظة حاسمة من تمام الساعة العاشرة وعشرة صباحا ، الى الساعة العاشرة والثلث .

انبهر المحقق ، متثاقل الأقوال :

عشر دقائق ، كانت كفيلة ، بتسلق الجدار ، مرورا بالسياج الزجاجى ، ووضع المخدر ، والعودة الى مقرك .

صمت المحقق ، ثم قال :

وكيف عرفت بجدول العمل الذى يتم بمقر ” خليل” ؟!

قال ” صابر” :

“دلال” كانت صديقة ” صابر” لكن ” صابر” لم يعرف الكثير عن “دلال” إنما ” صابر” كان كثير التحدث عن ادق الاسرار والتفاصيل عن حياته ، مع بعض الصديقات ، فكان ” خليل ” حسن النية .

أشار المحقق ، يحدة الحديث :
ثم ؟!

استكمل “صابر” :

امس اليوم ، الذى أتم به الحدث ، اتيت وخلعت السياج الزجاجى ، وفى الصباح غسل العمال السيارة ، ثم حدث الهرج وتكابل العمال بكثرة العمل ، وخرج الاثاث بهيئة الضخمة ، فصل الرؤية عن مرأى ” صابر ” لسيارتة ، قفزت ووضعت المخدر ، واسرعت منطلقا للخارج .

تساءل المحقق متحيرا :

ما الدافع ؟! الذى ادلى ” بدلال” لجعل سيارة ” خليل” مأوى للمخدر .

قال” صابر” :

كانت محاطة بالمراقبة ، لأنها تقوم بالمتاجرة لهذا المخدر .

قال المحقق ، ساخرا :

اذا استغلت ” دلال” ما كان يسردة ” خليل ” عن تفاصيل عملة ، فى صالح الأمر لها .

قال ” صابر ” مؤكدا:

نعم ، هو كذلك .

قال الطبيب الشرعى متنهدا ، وزبول الضيق ، يتدلى من عيونة :

هذا هو سبب الكوارث ، والهزيمة دائما .

نظر المحقق لطبيب الشرعى ، وكأنة يتبع الهدى لكلماته :

لو يدركون ، ما خطورة الجدل ؟! الجدل فى ادق الخصوصيات ، ماكان المجتمع ، يعج بالحوادث والجرائم .

الطبيب الشرعى ، يتبسم بالسخرية :

مستنصرا على ذلك ، الأستقطاب والإنتهاز .

دق المحقق بقبضتا ضخمة ، واعتدل فى مجلسة ، بهيئتة المستفحلة ، يواصل عملة الشاق ، مع الطبيب الحاذق ، استكمالا ، لكشف الغيام عن بعض المشقة ، فى العديد من الجرائم ، التى لابد لها عن رفع غطاء الحقائق .

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

في سحره غنى الفؤاد جنونالله سر جماله ما أبهاهُلولا مخافة أن يقال بأننيأشركُت في وصف الذي اهواهلحلفت أن الجمال خُلق لأجلهوالحسن وصفٌ ساقطُ لسواه د. عمار القحوي

رضا  أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارة الشبكة العربية للابداع والابتكار

رضا  أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارة الشبكة العربية للابداع والابتكار أعلنت الشبكة العربية للابداع والابتكار عن تعيين رجل الأعمال رضا عبدالقادر أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارتها في إطار تعزيز الهيكل التنظيمي…

اترك تعليقاً

مختصرات

في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

  • مايو 7, 2025
  • 38 views
في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

  • مايو 4, 2025
  • 82 views
إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

  • مايو 3, 2025
  • 67 views
احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

  • مايو 1, 2025
  • 84 views
مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

  • أبريل 27, 2025
  • 32 views
المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية

  • أبريل 26, 2025
  • 42 views
نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية