الشَّيطانُ ، والسلطانُ ، والشَّاعِرْ بقلم الشاعر يوسف شهير

الشَّيطانُ ،
والسلطانُ ،
والشَّاعِرْ ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَسْوَسَ الشَّيطَانُ للسلطَانِ ؛
أنْ ارسلْ إلىَ الشَّاعِرِ
آلافَ الدراهِمِ ؛ واشتريه
قُلْ لهُ :
السلطانُ يبغي
أنْ تَسُبَّ – بِالشِّعْرِ –
أسْلافَ أبيه
وَاحْضِرْ لَهُ التِلفازَ بِالقَنَوَاتِ ،
واسْمِعِ الدُنيا دَوِيه
خَلِ شَعْبَكَ يَسْتَمِعْ مِنْهُ
إلىَ مايَشْتَهِيه
هَؤلاءِ القَومُ كالأنْعَامْ
جُبِلُوا علىَ مَضْغِ الكَلامْ
كُلَّمَا مَرَّتْ بِهِمْ أزَمَاتُ ؛
صَاغُوهَا ، وَعَجَنُوهَا ، وَلَكَّوهَا ،
وَغَنْوهَا كَلاماً في كَلامْ
ثُمَّ تركُوها إلىَ النِسْيَانِ ، وَالأيامْ
هَاتِ أشْرَافِكَ في جَمْعٍ كَبير ،
وَاتْرُكِ الشَّاعِرَ يَهْتِفُ ، وَيَقُولْ
وَيَصُولُ ، وَيَجُولْ
سَيُصَدِقُهُ الشَّعْبُ ،
ويَمْنَحُهُ ألقَاباً كَثيرهْ ..
بينَمَا الشِّعْرُ من عَنْتَرِ للشَّابيِّ ؛
لَمْ يُنْقِذْ وَلاَ أيَّ جَزيرهْ !
سَوفَ يُلقِي الشَّعبُ علىَ عاتِقِهِ
أوْهَامَ الخَلاَصْ
وَقِريراً سَوفَ يَهْدَأُ ، ويَنامْ
أنَّ في الشِّعْرِ آياتُ القَصَاصْ
والشِّعْرُ – بِالتأكيدِ –
لايَعْدو سِوَىَ لَوْكِ كلامْ
سَيدي السُّلْطَانَ ..
لاتَتْرُكِ الشَّعبَ يُفَكِّرُ في سَلامْ
ألْهِهِمْ بِالشِّعْرِ ..
بأكاذيبِ الصَّحَافَه..
بِفُتُوحاتِ الكُره ..
بِالعُري في الافْلامْ
بِحَوَادثِ العُنفِ .. بِالسرقاتِ ..
بِالإجْرَامْ ..
بِثَوَابتِ الآثامِ ،
وبِالحَلالِ ، وبِالحَرَامْ
اطْلِقْ عليهِمْ آلةَ الإعْلامِ ؛
تَقْهَرُهُمْ جَميعاً ، بِانْتِقَامْ
ثُمَّ رُدَّ الشَّاعِرَ تَارَةً أُخْرَىَ
يَدُسَ في الكَلِمَاتِ سُمَّه
سَيَبيعُ بِلَيْلَةٍ حَمْرَاءَ ؛
أُمَّه !
خَلِّهِ يَحكِي لَهُمْ في الدِّينْ
عن ظُلَمَاءِ .. عن ضَآلينْ
فالشَّعبُ ماعادَ يَعْتَقِدُ الأئمه
قَدْ ميَّعوا الدينَ بِلا دِينٍ وذِمَّه
وألْحَنُوافي سُورَةِ الإخْلاصِ ،
وفاتِحَةِ الكِتَابْ ..!
أفْتُوا بِغَيْرِ العِلْمِ في الأبْوَابْ
وفي الثَوَابِ ، وفي العِقَابْ
تَرَكُوا عِصَامَ الدِّينِ بِالإطْنَابْ
وتَفَيْقهوا من غيرِ فَصْلٍ للخطابْ
ألَّهُوا الحُكَّامَ لَيَّاً للرِقَابْ
سيدي السُّلْطَانَ ..
سَدِّدْ الضَّرَبَاتِ في كُلِّ النُحُورْ
وَانْفُخِ اليَأسَ في النَّفْسِ ؛ تَفُورْ
وَأشِعْ في كُلِّ أحْوالِ البَشَرْ ؛
قَرَفَ النُفُورْ
وَاحْمِ نَفْسَكَ مِنْ حَبَائلهِمْ ؛ بِهِمْ
وَاسْتَعْدَهَمْ بالحِقْدِ فيمَا بَيْنَهُمْ
لاتَتْرُكِ الرَّحْمَةَ تَطْرُقُ بَابَهُمْ
وَاستَهْوِهِمْ بِالشَّرِّ دَوماً ، وَاغْوِهِمْ
لاتَنْسَ أنَّكَ قَدْ غَدَوْتَ عَدوَّهُمْ
فالنَّاسُ لاتَرْحَمُ مَنْ يَسْرِقُ لُقْمَةً
من أفْوَاهِهِمْ
وَأنتَ لَمْ تَسْرِقْ من الناسِ
خُبزَ حياتِهِمْ ؛
أنتَ سَرَقْتَهُمْ ، وَقَهَرْتَهُمْ ،
من غَيرِ سِكِّينٍ ، وَبِلا رَحمةِ ؛
أنتَ ذَبحْتَهمْ !
خَلِ شَاعِرَكَ المُبَجَّلَ
يَستفِزُّ شُعُورَهُمْ ..
يَستَنْفِدُ الحِقْدَ الدَفِينَ بِنَفْسِهِمْ ..
وَيُسيءُ للذَاتِ العَليَّةِ في العَلَنْ
وَيُقيمُ ألفَ قصيدةٍ عصماءَ
في حُبَِ الوَطَنْ
وَيُدَغدغُ الإحْسَاسَ بِالأشْعَارِ
عَنْدَ النَّاسِ
في رَفْعِ المِحَنْ
ثُمَّ يَصْرُخُ بانفعالٍ مُفتَعَلْ :
فَلْيَسْقُطِ السلْطَانْ ..
فَلْيَسْقُطِ السلطانْ ..
فليسقطِ الطاغوتِ فَوَّاحِ الوَثَنْ
مولايَ ، في هذا الزَّمَنْ :
( نُبَاحُ جميعِ جميعِ الكلابْ ..
لايُغَيَّرُ أبداً مَسَارَ السَّحَابْ ) !
سيدي السلطانَ ..
اوحِ للشاعرِ أنَّكَ
سوفَ تمنَحُهُ وِزَارَه
ثُمَّ علقهُ – فيما بعدُ –
عَلَىَ بابِ عِمَارَه
أو ادْفِنهُ إن شِئتَ في قَعْرِ القَذَارَه
ذلِكَ التَّافِهُ الديُوثُ
ألَّفَ دِيوَاناً إلىَ عُقْبِ سيجارَه
يحسَبُ نَفْسَهُ ” المُتَنَبِي ” ،
وَأنتَ ” كَافُورَهُ ” ؛
وسوفَ تُعطِيهِ إمارَه !
هوَ من شِيعَتِكَ ؛
ينحَازُ إلىَ المَكْسبِ
من قَبْلِ الخَسَارَه
خَلِّهِ يَكْتُبُ مَا يُبقِيكَ
عَلىَ كُرْسيكَ ..
خَلِّهِ رَهْنَ الإشَارَه
هوَ فَنَّانُ صُرَاخٍ ،
وَأُستاذُ جَعْجَعَةٍ ، وَفَرْقَعَةِ إثَارَه
هوَ من عامةِ الشَّعبِ ولكِنْ ،
أجَادَ بِمهْنَتِهِ التِجَارَه
هُوَ كَذَّابٌ ، وَأفَّاكٌ ، ونَصَّابٌ مُزَوِّرْ ؛
في مُنْتَهَىَ الجَدَارَه
يَصْنَعُ من تُرَابِ الوَهْمِ
آفَاقَاً من الأحْلامِ ..
يُخْرِجُ من كُهُوفِ الصَّمْتِ دُرَرَاً ،
وشُمُوسَ الحُبِّ يُسْكِنُهَا مَغَارَه
هوَ مِثْلُ جَرَّارٍ عَتيقٍ
يَسحَبُ الدُّنيا إلىَ خَلْفِ الحَقَارَه
وَيُقيمُ عَوَالِمَاً من نِصْفِ حَرْفٍ
وَتَحُطُّ عَوَالِمَاً منهُ استِدَارَه
” بيهَموتُ ” الشِّعْرِ تَوَّجَهُ أميراً
وَتَوَلَّىَ هارِبَاً عَبْرَ عِبَارَه
سيدي السلطانَ ..
لاتَتْرُكْهُ يَفْلِتْ ..
ذلِكَ السَّاحِرُ ؛
شيطانُ شَطَارَه
فإن فَلَتْ ؛
تاريخُ مُلْكِكَ سوفَ يَبدأُ إنتحارَه
المُلْكُ مُلْكُ اللهِ ؛ لَكِنَّكَ
تَحْتَاجُ لِشَيْطَانٍ رَجِيمٍ
كَي تَظَلَ علىَ ضَلالِكَ ،
وَيُحَقِّقَ انتصَارَه !
ــــــــــــــــــــــــــــــ

Avatar

صحيفة نحو الشروق

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

Related Posts

في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

في سحره غنى الفؤاد جنونالله سر جماله ما أبهاهُلولا مخافة أن يقال بأننيأشركُت في وصف الذي اهواهلحلفت أن الجمال خُلق لأجلهوالحسن وصفٌ ساقطُ لسواه د. عمار القحوي

رضا  أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارة الشبكة العربية للابداع والابتكار

رضا  أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارة الشبكة العربية للابداع والابتكار أعلنت الشبكة العربية للابداع والابتكار عن تعيين رجل الأعمال رضا عبدالقادر أبوطربوش نائباً لرئيس مجلس إدارتها في إطار تعزيز الهيكل التنظيمي…

اترك تعليقاً

مختصرات

في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

  • مايو 7, 2025
  • 38 views
في سحره غنى الفؤاد بقلم الشاعر الدكتور عمار القحوي

إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

  • مايو 4, 2025
  • 82 views
إحتفالا باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة

احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

  • مايو 3, 2025
  • 67 views
احتفاءًا باليوم العالمي لحرية الصحافة

مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

  • مايو 1, 2025
  • 84 views
مركز التدريب والتأهيل العالمي GTC بوابتك نحو النجاح المهني

المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

  • أبريل 27, 2025
  • 32 views
المخرج محمد خميس يشجع على حضور مهرجان مالمو للسينما العربية

نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية

  • أبريل 26, 2025
  • 42 views
نقابة الفنانين في سورية تكرّم فضل شاكر و تكشف سر منحه العضوية